للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الجصاص: واللحم وإن كان مخصوصاً بالذكر فإن المراد جميع أجزائه, وإنما خص اللحم بالذكر؛ لأنه أعظم منفعته وما يبتغى منه, كما نص على تحريم قتل الصيد على المحرم والمراد حظر جميع أفعاله في الصيد, وخص القتل بالذكر؛ لأنه أعظم ما يقصد به الصيد. وكقوله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} (١) فخص البيع بالنهي; لأنه كان أعظم ما يبتغون من منافعهم، والمعني جميع الأمور الشاغلة عن الصلاة. وإنما نص على البيع تأكيدا للنهي عن الاشتغال عن الصلاة, كذلك خص لحم الخنزير بالنهي تأكيداً لحكم تحريمه وحظراً لسائر أجزائه , فدل على أن المراد بذلك جميع أجزائه وإن كان النص خاصا في لحمه (٢).

اعتراض وجواب:

حمل الشوكاني رحمه الله تعالى قوله " فإنه رجس " على الحرام، وتحريم أكل لحم الخنزير إجماع لا خلاف فيه.

وأجيب:

بأن حمله على الحرام فيه بعدٌ؛ لأنه يؤدي إلى التكرار وينافي البلاغة القرآنية، فيكون تقدير الآية: قل لا أجد فيما أوحي إلى محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه حرام " فيبعد أن يكون صدر الآية وآخرها على تكرار التحريم، بل قوله تعالى: " فإنه رجس" تعليل للتحريم، وليس تكراراً له.


(١) الجمعة: ٩.
(٢) أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>