ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، فتفرق الناس ولم يبين لهم، فتذاكر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون ... ورواه مسلم بنحوه الحديث (١).
فقوله: لا يسترقون: أي لا يطلبون الرقية.
ومع ذلك أجاز الفقهاء كشف العورة للتداوي، مع أنه حاجة وليس ثمت ضرورة، مع أننا في الاستنجاء لا نحتاج إلى كشف العورة، وإنما يحتاج من ينجي غيره إلى مباشرة العورة بحائل فقط دون النظر إليها. وإذا كان الميت في غسله ينجى فالحي أولى بالاستنجاء من الميت لما يلي:
أولاً: أن بقاء النجاسة على الحي يؤذيه أذى شديداً، وإيذاء الحي أشد من إيذاء الميت، ويجب إزالة كل أذى عنه متى ما كان مستطيعاً.
ثانياً: أن بقاء النجاسة على غيره يؤذي غيره ممن يخالطه، ولا بد للإنسان من المخالطة.
ثالثاً: أن هذا المريض مكلف بأداء الصلاة، ويجب لها الطهارة متى كان مقتدراً بنفسه أو بغيره، وبقاؤه على حالته تلك يوجب له من الحرج والألم النفسي ما لم يعلم قدره إلا الله، فمن أجل هذا وغيره يجب تطهيره من النجاسة وتنقيته منها متى كان ذلك بالإمكان، والله أعلم.