وهذا صريح بأن ابن لهيعة يدلس عن الضعفاء. وحديثنا هذا قد عنعنه ابن لهيعة وقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الخامسة، والمرتبة الخامسة قال فيها الحافظ: " الخامسة: من ضعف بأمر آخر سوى التدليس، فحديثهم مردود، إلا بما صرحوا فيه بالسماع، إلا إن توبع من كان ضعفه منهم يسيراً كابن لهيعة ". قلت: هذا الطريق بهذا الإسناد لا أعلم أحداً تابع فيه ابن لهيعة، فهو ضعيف، والله أعلم. وأما رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة، فهل تكون بمنزلة رواية العبادلة فتعتبر أعدل من غيرها أو لا؟ فالراجح فيه أن قتيبة بن سعيد سمع من ابن لهيعة بآخرة. أولاً: أن قتيبة بن سعيد صغير، فقد ولد كما قال هو سنة ١٥٠ هـ ثانياً: خرج قتيبة للرحلة من بغداد سنة ١٧٢ هـ، وكان عمره ثلاثاً وعشرين سنة، وكان احتراق كتب ابن لهيعة سنة ١٦٩ هـ وحضر قتيبة جنازة ابن لهيعة سنة ثلاث وسبعين أو أربع وسبعين ومائة، فمن أين له أن يكون سماعه قديماً، ولذلك قال أبو بكر الأثرم: وسمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر قتيبة، فأثنى عليه، وقال: هو من آخر من سمع من ابن لهيعة. انظر الجرح والتعديل (٧/ ١٤٠). وتهذيب الكمال (٢٣/ ٥٢٨). وأما ما رواه الذهبي في السير (٨/ ١٧) قال: " قال جعفر الفريابي سمعت بعض أصحابنا يذكر، أنه سمع قتيبة يقول: قال لي أحمد بن حنبل: أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح؟ فقلت: لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب، ثم نسمعه من ابن لهيعة. فهذه القصة إن لم يكن لها إلا هذا الإسناد فإنه ضعيف، لأن جعفر الفريابي لم يسمعها إنما قال: سمعت بعض أصحابنا يذكر ... وذكرها، فلم يذكر لنا من هم بعض أصحابه؟ هل ممن يعتد به في النقل والجرح أم لا؟ فلا تعارض الحقائق التأريخية التي قدمتها، ولا تعارض ما رواه أبو بكر الأثرم سماعاً عن أحمد من أن قتيبة من آخر من سمع من ابن لهيعة، والله أعلم. ثم وقفت على إسناد آخر في تهذيب الكمال (١٥/ ٤٨٧): " قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: سمعت قتيبة يقول: كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن =