للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث: الإجماع، قال النووي في المجموع: وهذا الأدب -يعني: عدم إطالة القعود- مستحب بالاتفاق (١).

وقال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته: قد حكي الإجماع على تحريمه.

قلت: وفي ذلك نظر، فلعله يعني الإجماع الذي نقله النووي، فإنه ينقل كثيراً من إجماعات النووي، وهو إجماع على الاستحباب، لا على التحريم، وقد ذكرنا وجهاً في مذهب أحمد أنه يجوز بلا كراهة (٢).

هذا غاية ما يمكن أن يستدل به لهذا القول.

ويمكن مناقشة هذا القول بما يلي:

أما قولهم بأنه كشف للعورة بلا حاجة، فقد سبق تفصيل ذلك في مسألة: رفع الثوب قبل الدنو من الأرض، فارجع إليها إن شئت.

وأما الاستدلال بما يروى عن لقمان الحكيم، فهذا لا أصل له. قال الشوكاني: ومما يضحك منه التمسك بما روي عن لقمان الحكيم، أنه يورث الباسور، فيا لله العجب ممن لا يتحاشى عن تدوين مثل هذا الكلام في كتب الهداية، ولقد أبعد النجعة من اعتمد في مثل هذه المسألة الشرعية على لقمان الحكيم (٣).

وأما قولهم: إنه يدمي الكبد، ويورث الناسور، فإن ذلك مرجعه إلى الطب، فإذا أخبر طبيب ثقة، ولو كافراً بأن هذا يحصل منه ذلك، تركناه، وأما قبل فلا. والعجب من الحنابلة كيف يعتبر رفع الثوب قبل دنوه من


(١) المجموع (٢/ ١٠٥).
(٢) انظر تصحيح الفروع (١/ ١١٤).
(٣) السيل الجرار (١/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>