قال ابن المنذر في الأوسط: والنظر دال على ما قال ربيعة -يعني: في عدم وجوب الوضوء- إلا أنه قول لا أعلم أحداً سبقه إليه. وإنما قلت: النظر يدل عليه؛ لأنه لافرق بين الدم الذي يخرج من المستحاضة قبل الوضوء، والذي يخرج في أضعاف الوضوء، والدم الخارج بعد الوضوء؛ لأن دم الاستحاضة إن كان يوجب الوضوء فقليل ذلك وكثيره في أي وقت كان يوجب الوضوء، فإذا كان هكذا، وابتدأت المستحاضة في الوضوء، فخرج منها دم بعد غسلها بعض أعضاء الوضوء، وجب أن ينتقض ما غسلت من أعضاء الوضوء، لأن الدم الذي يوجب الطهارة في قول من أوجب على المستحاضة الطهارة قائم.
وإن كان ما يخرج منها بين أضعاف الوضوء، وما خرج منها قبل أن تدخل الصلاة، وما حدث في الصلاة منه لاينقض طهارة، وجب كذلك أن ما خرج منها بعد فراغها من الصلاة لا تنقض طهارة إلا بحدث غير دم الاستحاضة هذا الذي يدل عليه النظر. اهـ (١).
فالراجح ما ذهب إليه مالك رحمه الله، ولا ينهض عندي تحسين الأحاديث الضعيفة بالشواهد؛ لأن اللفظ في حديث عائشة بالأمر بالوضوء لكل صلاة شاذ، والشاذ لا يصلح للشواهد، وما عداه لا يكفي للتحسين بمثل هذه المسألة التي يحتاج إليها، وقد وقعت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتكرر وقوعه مرات، فلو كان الأمر بها محفوظاً لجاءت الأحاديث الصحيحة التي تبين وجوب الوضوء بصورة تقوم بمثلها الحجة. والله أعلم.
ولو قلنا: بموجب حديث: توضيء لكل صلاة، لكان الوضوء واجباً