وقال الحافظ بن كثير (٢/ ٢٦٤): " الظاهر أن الإمام مالك إنما أسقط ذكر نعيم بن ربيعة عمداً لما جهل حال نعيم، ولم يعرفه؛ فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيراً من المرفوعات، ويقطع كثيراً من الموصولات. والله أعلم. ورجح بعضهم الرواية المنقطعة، رواية مالك. قال ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٥،٦): " زيادة من زاد في هذا الحديث نعيم بن ربيعة ليست حجة؛ لأن الذي لم يذكرها أحفظ، وإنما تقبل الزيادة من الحافظ المتقن، وجملة القول في هذا الحديث أنه حديث ليس إسناده بالقائم؛ لأن مسلم بن يسار، ونعيم بن ربيعة جميعاً غير معروفين بحمل العلم اهـ. وسواء اعتبرنا زيادة نعيم بن ربيعة من المزيد في متصل الأسانيد أم لا، فالحديث بكل أحواله ضعيف، كما قال ابن عبد البر، ومع ضعفه إلا أنه صالح في الشواهد، فيكون شاهداً لحديث ابن عباس المتقدم. الشاهد الثاني: حديث أبي هريرة. رواه الترمذي، قال: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك. فرأى رجلا منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك، يقال له داود، فقال: رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة. قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة، فلما قضي عمر آدم جاءه ملك الموت، فقال: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد آدم، فجحدت ذريته، ونسي آدم، فنسيت ذريته، وخطئ آدم، فخطئت ذريته. =