للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابن المنذر، وخلافهم معتبر، وهو يبطل دعوى الإجماع؛ لأنهم من جملة المؤمنين الداخلين في قوله تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}، هذا إن كانت دعوى الإجماع على صحة الكتاب، وإن كانت دعوى الإجماع على ما ورد فيه من أحكام؛ فإن الخلاف في مس المصحف محفوظ من لدن التابعين إن لم يكن من لدن الصحابة.

ثانياً: عبارة ابن عبد البر في التمهيد تختلف عن العبارة التي نقلها الحافظ، فقد قال ابن عبد البر: "والدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم تلقي جمهور العلماء له بالقبول .... " إلخ (١) وفرق بين قوله: "تلقي الناس له بالقبول"، وبين قوله: "تلقي جمهور العلماء ... " فإن اللفظ الثاني يثبت أن التلقي ليس من كافة العلماء، وإنما هو من جمهورهم.

ثالثاً: على فرض أن دعوى التلقي بالقبول مسلم؛ فإن مسألة مس المصحف مستثناة. أرأيت الصحيحين قد تلقاهما الناس بالقبول، ومع ذلك لا يدخل في هذا التلقي ما تكلم فيه الأئمة كالدارقطني وغيره.

فإذا كنا نستثني الأحاديث التي تكلم فيها العلماء من هذا التلقي، استثنينا أيضاً مس المصحف من ثبوت التلقي لثبوت النزاع فيها؛ إذا لا يمكن إثبات الإجماع وضده في آن واحد، فإن قال قائل: لا يمكن أن نحتج بهذا المرسل في الدماء والأموال، ثم لا يحتج به في هذه المسألة، التي هي أهون بكثير من انتهاك


(١) التمهيد، كما في فتح البر (٣/ ٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>