للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما قاله الزهري، وغيره" (١).

وربما استدل بعض الخوارج بالقياس على وجوب قضاء الصوم، فإذا كانت تؤمر بقضاء الصوم فكذلك الصلاة فإنها من أهل التكليف.

وهذا قياس في مقابلة النص، فيكون قياساً فاسداً.

فقد أخرج البخاري تعليقاً في صيغة الجزم، قال البخاري: "وقال أبو الزناد: إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيراً على خلاف الرأي فما يجد المسلمون بداً من اتباعها، من ذلك أن الحائض تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة". اهـ (٢).

وقوله: على خلاف الرأي، يقصد به بادي الرأي، وإلا فالشرع لا يخالف العقل إذا كان النظر صحيحاً، لكن العقل عاجز عن إدراك الحكمة في كل أوامر الله، وإلا فالله لا يفرق بين متماثلين، ولا يجمع بين متفرقين، ولا يأمر ولا ينهى إلا لحكمة وهو الحكيم العليم.

وقال العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على سنن الترمذي: "وأمر الحائض بقضاء الصوم وترك أمرها بقضاء الصلاة، إنما هو تعبد صرف لا يتوقف على معرفة حكمته، فإن أدركناها فذاك، وإلا فالأمر على العين والرأس، وكذلك الشأن في جميع أمور الشريعة، لا كما يفعل الخوارج، ولا كما يفعل كثير من أهل هذا العصر، يريدون أن يحكموا عقولهم في كل شأن من شئون الدين فما قبلته قبلوه، وما عجزت عنه فهمه وإدراكه أنكروه وأعرضوا عنه، وشاعت هذه


(١) فتح الباري (١/ ٥٥٩).
(٢) في كتاب الصوم باب (٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>