وأما رواية الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: فرواها الأعمش، وعمر بن قيس الملائى وهما ثقتان عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس موقوفاً. وخالفهما سفيان بن حسين، ورقبة بن مصقلة، وليث بن أبي سليم، ومطر الوراق فرووه عن الحكم عن مقسم مرفوعاً ... وهذا يؤكد أن الحكم كما قال شعبة تارة يوقفه وتارة يرفعه مما يدل على أن الحكم لم يضبطه. وإذا كان الحكم يرويه موقوفاً ومرفوعاً. فالاحتياط كون الحديث موقوفاً، فإن طريق الحكم هو أفضل الطرق التي جاء منها الحديث ومع ذلك كان الحكم يسنده مرة ويوقفه أخرى، فغيره من الطرق لا تسلم من الكلام فيها كما سنبينه. لهذا جزمت بأن الحديث موقوف على ابن عباس، والأصل عصمة مال المسلم فلا تنتهك هذه العصمة إلا بدليل صحيح سالم من المعارض. العلة الثانية: في طريق الحكم. أن الحكم تارة يرويه عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس. وتارة يرويه عن مقسم مباشرة. وتارة يرويه عن عكرمة عن ابن عباس. وقد اختلف العلماء هل سمع الحكم من مقسم هذا الحديث أم لا؟ مع أن الحكم مشهور بأنه كثير الإرسال. فقال أبو حاتم في العلل (١/ ٥١) الحكم لم يسمع من مقسم هذا الحديث. وقال البيهقي (١/ ٣١٥): "هكذا رواه جماعة عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم. وفي رواية شعبة عن الحكم دلالة على أن الحكم لم يسمعه من مقسم، إنما سمعه من عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن مقسم. اهـ وذكر ابن حجر في التهذيب، في ترجمة الحكم بن عتيبة (٢/ ٤٣٤): "قال أحمد وغيره: لم يسمع الحكم حديث مقسم، كتاب إلا خمسة أحاديث" اهـ. ولم يذكر الإمام أحمد الأحاديث الخمسة لكن عدها يحيى بن سعيد القطان كما في التهذيب: حديث الوتر، والقنوت، وعزمة الطلاق، وجزاء الصيد، والرجل يأتي امرأته وهي حائض".