وقال ابن حجر أيضاً في التلخيص: "والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثيراً جداً ... ". ثم قال: "وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث، والجواب عن طرق الطعن فيه. مما يراجع منه - وسوف أنقل لك كلام القطان بطوله - ثم قال: "وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في الإمام" وهو الصواب، فكم من حديث قد احتجوا به فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا، كحديث بئر بضاعة، وحديث القلتين ونحوهما. وقال الحاكم في المستدرك (١/ ١٧٢): "هذا حديث صحيح، فقد احتجا جميعاً بمقسم ابن بجرة". قلت: لم يحتج مسلم بمقسم، وما خرج له البخاري إلا حديثاً واحداً قد توبع فيه، وأقر الذهبي الحاكم على تصحيحه للحديث. وأطال الكلام ابن القطان الفاسي في تصحيحه للحديث في كتابه بيان الوهم والإيهام وأورد لك خلاصة منه: قال رحمه الله (٥/ ٢٧٦): بعد أن بين بعض الاختلاف على بعض الرواة: "والصواب أن ننظر رواية كل راو بحسبها، ويعلم ما خرج عنه فيها، فإن صح من طريق قبل، ولو كانت له طرق أخرى ضعيفة. وهم إذا قالوا: هذا روي فيه "بدينار". وروي فيه: "بنصف دينار" وروي باعتبار صفات الدم، وروي دون اعتبارها، وروي باعتبار أول الحيض وآخره، وروي دون ذلك، وروي بخمس دينار، وروي بعتق نسمة قامت من هذا في الذهن صورة سواء، وهو عند التبيين والتحقيق لا يضره، ونحن نذكر الآن كيف هو صحيح بعد أن نقدم أن نقول: يحتمل قوله: "دينار أو نصف دينار" ثلاثة أمور. أحدها: أن يكون تخييراً. ويبطل هذا بأن يقال: التخيير لا يكون إلا بعد طلب، وهذا وقع بعد الخبر، إذ حكم التخيير الاستغناء بأحد الشيئين، لأنه إذا خير بين الشيء وبعضه، كان بعض أحدهما متروكاً بغير بدل. الأمر الثاني: أن يكون شكاً من الراوي. الثالث: أن يكون باعتبار حالين. وهذا هو الذي يتعين منها، ونبينه الآن فنقول: قال أبو داود: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، حدثني الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن،