لكن رواه البيهقي (١/ ٥٤٤) من طريق عبد الله بن عثمان، ثنا أبو حمزة، قال: سمعت هشاماً يحدث عن أبيه، أن فاطمة بنت أبي حبيش، قالت: "يا رسول الله: إني أستحاض فلا أطهر ... " الحديث، وقال فيه: "فاغتسلي عند طهرك وتوضئي لكل صلاة". فصار الحديث يروى عن أبي حمزة تارة مرسلاً، وتارة موصولاً. وجاءت الزيادة من طريق الحمادين كما في الطريق التالي. الطريق الثالث والرابع: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد عن هشام به. فقد جاء ذكر الزيادة أيضاً من طريق حماد بن سلمة عن هشام، إلا أنه لم يأمرها بالوضوء لكل صلاة، بل أمرها بالوضوء عقب غسل الدم، فكما ذكرت سابقاً: أن غسل الدم يكفى في الامتثال مرة واحدة عند إدبار الحيضة، ولا يطلب تكراره عند كل وقت صلاة، فكذلك الوضوء بحسب لفظ حماد بن سلمة. فقد أخرج الحديث الدارمي (٧٧٩): أخبرنا حجاج بن منهال، ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله، إني امرأة استحاض فلا أمر، أفأترك الصلاة؟ قال: لا؛ إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي". قال هشام: فكان أبي يقوله: تغتسل غسل الأول، ثم ما يكون بعد ذلك فإنها تطهر وتصلي. قلت: في هذا الحديث دليل ظاهر على أن هشام يتبع الحديث المرفوع بكلام لأبيه موقوفاً عليه، فلا يبعد أن يكون بعض الرواة أدرج الموقوف في المرفوع، كما ذكر ابن رجب ونقلت كلامه سابقاً. وقد اختلف على حماد بن سلمة: فرواه حجاج بن منهال، عن حماد، عن هشام به، كما سبق بذكر الزيادة. ورواه ابن عبد البر في التمهيد كما في فتح البر (٣/ ٥١٢) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة به، وليس فيه "وتوضئي" وعفان من أثبت أصحاب حماد بن سلمة، فهو مقدم على