قلت: ظاهر نقل البخاري أنها موقوفة عليه، خاصة أن هشاماً لا يروي الحديث إلا عن أبيه، ولا يشاركه شيخ آخر، فلماذا إذاً قال، قال هشام: قال أبي، ولو أن هشاماً يروي الحديث عن أكثر من شيخ لأمكن أن يقال: إن هشاماً أراد أن يفصل زيادة أبيه عن لفظ مشايخه الآخرين، فلما لم يكن له شيخ إلا أبوه، علمنا أن هشاماً أضاف إلى أبيه هذا الكلام، ولم يقصد رفعها، وكون هذه الكلمة جاءت صريحة في رواية الترمذي فهذا من الاختلاف على أبي معاوية، ويرجح كونها موقوفة أيضاً أن الإمام مالك رحمه الله روى الحديث عن هشام فذكر المرفوع، ولم يذكر الزيادة، وروى الزيادة عن هشام موقوفاً على عروة دون ذكر المرفوع، ففصل المرفوع عن الموقوف كما روى الحديث ابن أبي شيبة (١/ ١١٩) عن أبي معاوية عن هشام عن عروة قال: "المستحاضة تغتسل وتتوضأ لكل صلاة" موقوفاً عليه. كما رواه ابن أبي شيبة (١/ ١١٩) عن حفص عن هشام به قرنه بأبي معاوية موقوفاً على عروة فصار الحديث عن أبي معاوية، تارة يروى بدون زيادة الوضوء. وتارة تروى عنه صريحة بالرفع. وتارة تروى عنه موقوفة على عروة. وهل السند معلق أو موصول ظاهره التعليق، وإن كنت أميل إلى أنه موصول بالإسناد نفسه، إلا أن الأمر بالوضوء لكل صلاة موقوف على عروة. وأبو معاوية قد قال فيه أحمد: في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفطها جيداً. وقال أبو داود: قلت لأحمد: كيف حديث أبي معاوية عن هشام؟ قال: فيها أحاديث مضطربة، يرفع منها أحاديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي التقريب: ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره. وقد جاءت الزيادة في غير طريق أبي معاوية كما في الطريق الآتي: الطريق الثاني: أبو حمزة، محمد بن ميمون السكري، عن هشام به. فقد تابع أبو حمزة أبا معاوية بذكر الزيادة بالأمر بالوضوء لكل صلاة، لكن قد اختلف عليه فيه.