فالراجح ما ذهب إليه مالك رحمه الله، ولا ينهض عندي تحسين الأحاديث الضعيفة بالشواهد؛ لأن اللفظ في حديث عائشة بالأمر بالوضوء لكل صلاة شاذ، والشاذ لا يصلح للشواهد، وما عداه لا يكفي للتحسين بمثل هذه المسألة التي يحتاج إليها، وقد وقعت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتكرر وقوعه مرات، فلو كان الأمر بها محفوظاً لجاءت الأحاديث الصحيحة التي تبين وجوب الوضوء بصورة تقوم بمثلها الحجة. والله أعلم.
ولو قلنا: بموجب حديث: توضئي لكل صلاة، لكان الوضوء واجباً لكل صلاة، فرضاً كانت أو نفلاً، خرج الوقت أو لم يخرج، وهذا رأي ابن حزم، للأمر بالوضوء لكل صلاة
وأما حمل الأمر بالوضوء لكل صلاة: أي لوقت كل صلاة، كما هو مذهب الحنفية فيحتاج الأمر إلى دليل على أن المراد الوقت، وليس خروج الوقت حدثاً، ويكفي أن حملهم خلاف ظاهر اللفظ بلا مسوغ.
والجواب عما قاله الحنفية رحمهم الله: أن إطلاق الصلاة قد يطلق ويراد بذلك الوقت إذا صح إنما يصح لقرينة تمنع من إرادة الصلاة نفسها، وإلا فالأصل في الكلام عدم الحذف وعدم التقدير، ولا قرينة هنا تمنع من إرادة الصلاة، أي فعلها، فوجب حمل اللفظ على ظاهره، لو قلنا بصحة الحديث.
وأما حمل الشافعية بالصلاة بأن المراد بها الفريضة دون النافلة، فهذا من أضعف الأقوال.