وخالف ابن إسحاق الجماعة فرواه عن الزهري، وفيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالغسل لكل صلاة، وهذا وهم من ابن إسحاق، لأن الزهري نفسه كان يقول كما في مسند أحمد (٦/ ٨٢) وغيره: لم يأمرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل عند كل صلاة، وإنما فعلته هي". ثانياً: واختلف على الزهري في إسناده. فمرة يرويه عن عروة عن عائشة. ومرة عن عمرة عن عائشة. ومرة عن عروة وعمرة عن عائشة ومرة يرويه عن عروة عن عمرة عن عائشة فجعل بين عروة وعائشة واسطة وهي عمرة. وقيل: عن عروة وعمرة عن عائشة، عن أم حبيبة. وقيل: عن عروة، عن فاطمة بنت أبي حبيش. وحاول بعضهم تضعيف الحديث لهذا الاختلاف، كالحافظ ابن عبد البر، فقد قال في التمهيد، كما في فتح البر (٣/ ٤٨٢): "لهذا الاختلاف ومثله عن عروة، والله أعلم، ضعف أهل العلم بالحديث ما عدا حديث هشام بن عروة، وسليمان بن يسار من أحاديث الحيض والاستحاضة". وقال أيضاً (٣/ ٤٨١): "وحديث ابن شهاب في هذا الباب مضطرب". والصحيح أن الأمر ممكن فيه الترجيح، فلا يصار إلى الاضطراب إلا عند تعذر الترجيح، ولا يمنع أن يكون الزهري سمعه من عروة وعمرة عن عائشة، فكان تارة يجمعهما، وتارة يفرقهما، خاصة أن الرواية عن عروة وعمرة مجتمعين جاءت عند البخاري (٣٢٧) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري عن عروة وعمرة، وجاءت عند مسلم (٣٣٤) من طريق عمرو ابن الحارث، عن الزهري عن عروة وعمرة. وما عدا هذا فهو شاذ، وبيان الاختلاف على الزهري كالتالي: فقد رواه ابن عيينة، ومعمر، وإبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عمرة، لم يختلف على أحد منهم، ولم يذكروا عروة في روايتهم. وأما رواية ابن أبي ذئب عن الزهري.