ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي. فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك والشافعي (١) وأحمد وإسحاق. اهـ
الدليل الثاني:
أن القول بالتحديد لا بد منه، لأنه لا يمكن أن يقال إنه دم نفاس، ولو مكث ما مكث، فلا بد من القول إذا أطبق الدم صارت مستحاضة، فمتى تحكمون له بأنه استحاضة؟
فإن قيل: بعد السبعين أو الثمانين قيل: هذا رجوع إلى القول بالتحديد، وإذا كان لا بد من القول بالتحديد فالأخذ بقول ابن عباس أولى من الأخذ بقول غيره.
وإن قلتم: فما الفرق بين دم الحيض حيث رجحت بأنه لا حد لأكثر الحيض، ورجحت هنا بأن النفاس لأكثره حد.
فالجواب:
أولاً: الحيض عندنا أجل معلوم إذا بلغته المرأة أصبحت مستحاضة، وهو في حالة ما إذا أطبق الدم عليها شهراً كاملاً، أما النفاس فليس عندنا أجل معين
(١) المشهور عن الشافعي أنه يقول: أكثر النفاس ستين يوماً. ولقد استغرب النووي في المجموع ما نقله الترمذي عن الشافعي. وقال ابن رجب في شرح البخاري (٢/ ١٨٨): "وحكاه الترمذي عن الشافعي وهو غريب عنه".