وقد فهم هذا الفهم أيضاً صاحب التاج والإكليل (١/ ١٤٥) من المالكية، فقال: " ونقل الطحاوي أن أبا يوسف ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجنب، ثم ينام، ولا يمس ماء. " (١) قال ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٤٤): " وأولى الأمور عندي في هذا الباب، أن يكون الوضوء للجنب عند النوم كوضوء الصلاة حسناً مستحباً، فإن تركه فلا حرج؛ لأنه لا يرفع به حدثه، وإنما جعلته مستحباً، ولم أجعله سنة لتعارض الآثار فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلاف ألفاظ نقلته، ولا يثبت ما كانت هذه حاله سنة ". (٢) في مذهب المالكية وقفت على ثلاثة أقوال: القول بأنه مندوب، وآخر بأنه مرغب فيه، أي من الفضائل، وثالث: بأنه واجب، ففي الشرح الصغير (١/ ١٧٦) اقتصر على القول بالندب فقط، وهو ما اختاره خليل في مختصره رحمه الله تعالى (ص: ١٧)، وتابعه عليه شراح المختصر، كما في حاشية الدسوقي (١/ ١٣٨)، وتأتي عبارته بعد قليل إن شاء الله تعالى. وجاء في شرح الزرقاني (١/ ١٤٣): " ذهب الجمهور إلى أنها للاستحباب - يعني وضوء الجنب للنوم - وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وذهب أهل الظاهر إلى وجوبه، وهو شذوذ ". وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٢/ ١٤٢): ظاهر مذهب مالك أنه ليس بواجب، وإنما هو مرغب فيه ". وهذا يجعل الوضوء أقل من المندوب؛ لأن المستحب والمرغب فيه عند فقهاء المالكية يلحق بالفضائل، وليس بالسنن. وهناك قول بالوجوب عند المالكية، ونسب إلى مالك، ولكن أكثر أصحابه على عدم ثبوت هذا القول عن مالك، قال ابن العربي في العارضة كما في شرح الزرقاني (١/ ١٤٢): " قال مالك والشافعي: لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ، وأُنْكِر عليه؛ لأنهما لم يقولا بوجوبه، ولا يعرف عنهما ". =