للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث، قال: كاد يقتله العطش، فنَزعت خفها، فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء، فغفر لها بذلك. ورواه مسلم بنحوه (١).

وكون المرتد يجب قتله من قبل الحاكم هذا لا يوجب أبداً تركه يتعذب ويموت عطشاً، وربما رجع عن ردته قبل قتله، نعم في الحربي إذا خاف منه على نفسه أو على المسلمين إذا سقاه أن يتقوى على ذلك لا يجوز سقيه، دفعاً لضرره، وليس عقوبة له، وإن تمكن من قتله فهو أولى من تركه يموت عطشاً، وإن لم يخش على نفسه، ولا على المسلمين منه، وكان من بلد يتولى القتال فيها الجند، ولم يكن منهم لم يتركه يموت عطشاً، والله أعلم.

وذهب بعض المالكية بأن الكلب غير المأذون فيه والخنزير إن قدر على قتلهما وإلا ترك الماء لهما، ولا يعذبان بالعطش (٢). وهذا أقوى من كلام النووي رحمة الله عليهما جميعاً.

والمالكية يقسمون الخوف من العطش تقسيماً جيداً، فيذكرون أن خوف العطش: تارة يخاف منه، ولم يتلبس به، وتارة يكون متلبساً به،

فإن خاف العطش سواء كان الخوف متيقناً أو غلب على ظنه العطش، وخاف هلاكاً، أو أذى شديداً، فإنه يجب عليه التيمم، ويحبس الماء لدفع العطش.


(١) البخاري (٣٣٣١)، ومسلم (٢٢٤٥).
(٢) انظر حاشية العدوي على شرح الكفاية (١/ ٢٢٣)، وقال الدسوقي في حاشيته (١/ ١٤٩): " ومثلهما - يعني مثل الكلب غير المأذون فيه والخنزير - الجاني إذا ثبت عند الحاكم جنايته، وحكم بقتله قصاصاً فلا يدفع إليه الماء، ويتيمم صاحبه، بل يعجل بقتله، فإن عجز عنه دفع الماء له ".

<<  <  ج: ص:  >  >>