وإن كان الحيوان كلباً، ففيه خلاف مبني على اختلافهم في نجاسة عين الكلب، وقد تقدم تحرير مذهبهم.
وإن كان الحيوان غيرهما، فإن النزح يتوقف على حكم سؤره، فإن كان سؤره نجساً كالسباع، فإن البئر تنزح كلها، وإن كان سؤره مكروهاً استحب النزح، ويلحق به ما كان سؤره مشكوكاً فيه.
على خلاف بينهم في القدر المستحب نزحه، فمن قائل باستحباب نزح البئر كلها، ومنهم من قدره بعدد من الدلاء.
وأما الحيوانات التي سؤرها ليس بنجس، فإن كان عليها نجاسة حقيقية نزح البئر كله، وأما إن كان الحيوان ليس بنجس فلا ينزح البئر، إلا أنه يستحب أن ينزح من وقوع البقر والغنم؛ لعدم خلو أفخاذها وأرجلها من النجاسة.
الحالة الرابعة:
أن يكون البئر معيناً، كلما نزح منها دلو جاء مكانه آخر، فإذا وقعت فيه نجاسة فقد اختلفوا في مقدار ما ينزح منه،
فقيل: ينزح منها مائتا دلو، وهو رواية عن محمد بن الحسن.
وقيل: ينزح منها مائة دلو، وهو رواية عن أبي حنيفة.
وقيل: ينزح منها حتى يغلبهم الماء، ولم يقدِّر حداً للغلبة.
وأجيب عن هذا بعدة أجوبة.
الجواب الأول:
هناك من يضعف قصة وقوع الزنجي في بئر زمزم، وإلى هذا ذهب الشافعي وسفيان بن عيينة رحمه الله والنووي وغيرهم.