للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو لأنهم حاولوا الجمع بين الأحاديث التي توجب الغسل وبين أحاديث تعارضها، ولكن ليست صحيحة، مثل حديث «من اغتسل يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل».

قالوا: فقوله «الغسل أفضل» فإنه يقتضي إشتراك الوضوء والغسل في أصل الفضل، فيستلزم إجزاء الوضوء، فحملهم ذلك على تأويل «غسل يوم الجمعة واجب» إلى ما ذكرنا من أن المقصود به توكيد الغسل، وليس لزومه.

والحق أن سند هذا الحديث لا يمكن أن يعارض به أحاديث الصحيحين، فقد علمت ما في الحديث من اختلاف من خلال الكلام على سنده ومتنه.

قال ابن دقيق العيد: ذهب الأكثرون إلى استحباب غسل الجمعة، وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر - يعني من الأمر بالغسل، ومن الحكم بأنه واجب - وقد أولوا صيغة الأمر على الندب، وصيغة الوجوب على التأكيد، كما يقال: إكرامك علي واجب، وهو تأويل ضعيف إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً على هذا الظاهر، وأقوى ما عارضوا به هذا الظاهر حديث «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث. الخ كلامه رحمه الله (١).


= ويحتمل واجب في الاختيار والأخلاق والنظافة، ثم استدل للاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر التي تقدمت، قال: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل دل ذلك على أنهما عقد علما، أن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغسل على الاختيار. اهـ
قال ابن حجر في الفتح تحت رقم (٨٧٩) بعد أن نقل نص الشافعي المتقدم: وقد نقل الخطابي وغيره الإجماع على أن صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة لكن حكى الطبري من قوم أنهم قالوا بوجوبه، ولم يقولوا: إنه شرط، بل واجب مستقل تصح الصلاة بدونه، كأن أصله قصد التنظيف وإزالة الروائح الكريهة التي يتأذى بها الحاضرون من الملائكة والناس. الخ كلامه رحمه الله تعالى.
(١) الفتح تحت رقم (٨٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>