والثانية كالشافعية: يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في حال ردته، وإسلامه قبل ردته، ولا يجب عليه إعادة الحج؛ لأن العمل إنما يحبط بالإشراك مع الموت، لقوله تعالى:{ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة}[البقرة:٢١٧/ ٢].
والمجنون غير مكلف، ولا يلزمه قضاء ما ترك في حال جنونه، إلا أن يفيق في وقت الصلاة، فيصير كالصبي يبلغ، ولا خلاف في ذلك، للحديث السابق:«رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل»(١)، ولأن مدته تطول غالباً، فوجوب القضاء عليه يشق، فعفي عنه.
والمغمى عليه: يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في حال إغمائه، فحكمه حكم النائم، لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها كالصلاة والصيام. بدليل ما روى الأثرم أن عماراً أغمي عليه ثلاثاً، فقضى ما عليه، وأن سمرة بن جندب سئل عن صلاة المغمى عليه فقال:«ليصليهن جميعاً» وهذا الرأي خلاف ما عليه الحنفية والمالكية والشافعية كما بينا.
ومن شرب دواء فزال عقله به نظر: فإن كان زوالاً لا يدوم كثيراً فهو كالإغماء، وإن كان يتطاول فهو كالجنون.
وأما السكر ومن شرب محرماً يزيل عقله وقتاً دون وقت: فلا يؤثر في إسقاط التكليف، وعليه قضاء ما فاته في حال زوال عقله، بلا خلاف، ولأنه إذا وجب عليه القضاء بالنوم المباح، فبالسكر المحرم أولى.
(١) أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن.