للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولايجوز السلم فيها عند محمد؛ لأنها أثمان عنده (١).

السابع: أن يكون المسلم فيه مؤجلا، واختلف العلماء في هذا الشرط. وفيه يعرف حكم السلم الحال.

فقال الحنفية والمالكية والحنابلة: يشترط لصحة السلم أن يكون مؤجلاً، ولايصح السلم الحال، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» فهذا الحديث أمر بالأجل، والأمر يقتضي الوجوب، كما أوجب كون المسلم فيه مقدراً بالكيل أو الوزن، ولأن السلم أجيز رخصة للرفق بالناس، ولايحصل الرفق إلا بالأجل، فإذا انتفى الأجل انتفى الرفق، فلا يصح، وباعتباره رخصة فيقتصر على حال ورودها (٢).

وقال الشافعي: يصح السلم حالاً ومؤجلاً، فإن أطلق عن الحلول والتأجيل وكان المسلم فيه موجوداً انعقد حالاً، لأنه إذا جاز السلم مؤجلاً، فلأن يجوز حالاً بالأولى، لبعده عن الغرر. والمراد من الحديث «إلى أجل معلوم» هو العلم بالأجل، لا الأجل نفسه. وفائدة العدول من البيع إلى السلم الحال حينئذ: هو جواز العقد مع غيبة المبيع، فإن المبيع إذا لم يكن حاضراً مرئياً لايصح بيعه عند الشافعية. وإن أخر العقد لإحضاره، فربما تلف، أو لايتمكن المشتري من الحصول عليه، كما لايتمكن حينئذ من فسخ العقد؛ لأن العقد متعلق بالذمة، وماثبت بالذمة يلزم العاقد به (٣).


(١) المبسوط: ١٣٦/ ١٢، البدائع: ٢٠٨/ ٥، ٢١٢.
(٢) المبسوط: ١٢٥/ ١٢، البدائع: ٢١٢/ ٥، فتح القدير: ٣٣٥/ ٥، المنتقى على الموطأ: ٢٩٧/ ٤، بداية المجتهد: ٢٠١/ ٢، حاشية الدسوقي: ٢٠٥/ ٣ ومابعدها، المغني: ٢٨٩/ ٤، القوانين الفقهية: ص٢٦٩، غاية المنتهى: ٧٨/ ٢.
(٣) المهذب: ١ص٢٩٧، مغني المحتاج: ٢ص١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>