هي أساس التعيين، لا النص، ولا العهد، ولا الغلبة، ولا الوراثة ونحوها. علماً بأن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يبين للناس كيفية اختيار الخليفة ولم ينص على خليفة معين، وفي ذلك حكمة بالغة، هي ترك المجال مفتوحاً لإرادة الأمة تفعل ما يحقق المصلحة دون تحديد لشكل الحكم وأساليب التعيين، وإنما تتصرف بكامل حريتها وفقاً لما يتناسب مع كل زمان ومكان؛ لأن المهم هو قيام الحاكم بواجباته أو وظائفه الدينية والدنيوية معاً في ظل من رقابة الأمة، حتى لا يعتقد أحد من الحكام باستمداد سلطانه من الله، أوأنه في مرتبة النبي الذي لا يعارض قوله أو فعله أو حكمه.
[١ - أبو بكر الصديق]
لقد تم انتخاب أبي بكر الخليفة الأول بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أحدث صورة لمؤتمر سياسي جرى فيه نقاش حاد بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة عقب وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلم وقبل دفنه، وكان قصدهم من النقاش هو تحقيق مصلحة الإسلام وخير المسلمين. وكان عمر هو أول من رشح أبا بكر رضي الله عنه، ووافقه أهل العقد والحل، وبايعه المسلمون جميعاً، من وافق منهم أو خالف في أثناء النقاش (١). حتى إن علياً كرم الله وجهه الذي انتابه مرض بسبب وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم بايع أبا بكر بعد برئه.
[٢ - عمر بن الخطاب]
كان اختيار عمر رضي الله عنه بترشيح من أبي بكر في صورة عهد إلى المسلمين، بعد استشارة أهل الحل والعقد، ثم بايعه المسلمون ورضوا به. فعندما
(١) انظر سجل الجلسة في تاريخ الطبري: ١٩٩/ ٣، وفي طبقات ابن سعد: ١٧٩/ ٣، وصحيح البخاري: ٧/ ٥.