للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأراضي والدور والأشجار، فلا يجري فيها ربا الفضل، لأنها ليست من المقدَّرات (أي التي تجمع بين أفرادها وحدة مقياس ومقدار معين)، فيجوز إعطاء الكثير منها في مقابل القليل من جنسه كبيع غنمة

بغنمتين؛ لأن ربا الفضل زيادة أحد المتجانسين على الآخر في المقدار والكمية، والقيميات ليست من المقدرات (١).

وحكمة التحريم: هي دفع الغبن عن الناس، وعدم الإضرار بهم، مما قد يظن بأن في أحد الجنسين معنى زائداً عن الآخر. والأصل في تحريمه هو من باب سد الذر ائع، لأنهم إذا باعوا درهماً بدرهمين، ولا يفعل هذا عند اتحاد الجنس إلا للتفاوت الذي بين النوعين: إما في الجودة، وإما في نوع السكة، وإما في الثقل والخفة وغيرها، تدرجوا بالربح المعجل فيها إلى الربح المؤخر: وهو عين ربا النسيئة، أما تحريم ربا الفضل عند اختلاف الجنسين كبيع القمح بالشعير أحدهما معجل والآخر مؤجل، فهو أيضاً من قبيل سد الذرائع، كيلا يتخذ جواز التفاضل عند اختلاف الجنسين ذريعة ووسيلة إلى ربا النسيئة، فيستقرض الشخص ذهباً مثلاً إلى أجل، ثم يوفي فضة أكثر منه بقدر الربا المراد. وبذلك وضع الشرع الحكيم مقياساً مبسطاً في يد أكثر الناس لتقويم الأصناف المختلفة، دون حاجة إلى البحث عن الفروق النوعية في الصنف الواحد.

وقد لا يكون سبب التحريم هو سد الذرائع، كما في أخذ كثير رديء في قليل جيد، فزيادة الرديء تقابل بجودة الجيد، لكنه مع ذلك حرام؛ لأن هناك غرراً كبيراً لا يعلم معه أيهما غبن (٢).


(١) المدخل إلى نظرية الالتزام للأستاذ الزرقاء: ص ١٣٩، الدر المختار: ١٨٥/ ٤.
(٢) الموافقات للشاطبي وتعليقاته: ٤٢/ ٤، القياس لابن القيم: ص ١١٤، أعلام الموقعين، المرجع السابق، الفقه على المذاهب الأربعة: ٢٤٧/ ٢ وما بعدها، المدخل الفقهي، المرجع السابق. وربا الفضل قليل الوقوع في المعاملة، مثاله: أن يشتري رجل مداً من القمح بمدين من القمح مقايضة: بأن تسلّم كل من البائع والمشتري ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>