للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخصومة والمنازعة فساد كبير، والله تعالى لا يحب الفساد (١). والأصل في مشروعيتها قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم، ودماءهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» (٢).

واشترط فقهاء الحنفية لقبول الدعوى الشرائط الآتية (٣):

أولاً ـ أهلية العقل أو التمييز: يشترط أن يكون المدعي والمدعى عليه عاقلين، فلا تصح دعوى المجنون والصبي غير المميز، كما لا تصح الدعوى عليهما، فلا يلزمان بالإجابة على دعوى الغير عليهما، ولا تسمع البينة عليهما. ويشترط توافر صفة البلوغ لممارسة أي حق عند غير الحنفية، أما القاصر فيمارس الدعوى عنه وليه.

ثانياً ـ أن تكون الدعوى في مجلس القضاء؛ لأن الدعوى لا تصح في غير هذا المجلس، أي المحكمة.

ثالثاً ـ أن تكون دعوى المدعي على خصم حاضر لدى القاضي عند سماع الدعوى والبينة والقضاء، فلا تقبل الدعوى على غائب، كما لا يقضى على غائب عند الحنفية، سواء أكان غائباً وقت الشهادة أم بعدها، وسواء أكان غائباً في مجلس القضاء، أم عن البلد التي فيها القاضي، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «فإنما أقضي له بحسب ما أسمع» (٤) وقوله لعلي حين أرسله إلى اليمن:: «لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر» (٥).


(١) المبسوط: ٢٨/ ١٧، المغني: ٢٧٢/ ٩، مغني المحتاج، المرجع السابق.
(٢) رواه البيهقي وغيره هكذا، وبعضه في الصحيحين عن ابن عباس.
(٣) المبسوط: ٣٩/ ١٧، تكملة فتح القدير، المكان السابق، و ١٤١ وما بعدها، البدائع: ٢٢٢/ ٦، ٢٢٤، الدر المختار: ٤٣٨/ ٤.
(٤) من حديث أم سلمة الذي رواه الجماعة (نيل الأوطار: ٢٨٧/ ٨).
(٥) رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن علي (نيل الأوطار: ٢٧٤/ ٨ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>