للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - مذهب الحنابلة]

في هذا المذهب ثلاث روايات بالنسبة لعلة الربا: أشهرها مثل مذهب الحنفية: وهي أن الكيل أو الوزن مع اتحاد الجنس هو علة الربا، فيجري الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه، مطعوماً كان أو غير مطعوم، كالحبوب والأشنان والنُّورة والقطن والكتان والصوف والحناء والعصفر والحديد والنحاس ونحوها، ولا يجري في مطعوم لا يكال ولا يوزن، لما روى ابن عمرقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الدينار، بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين، ولا الصاع بالصاعين، فإني أخاف عليكم الرِّماء» (والرماء: هو الربا) فقام إليه رجل فقال: «يا رسول الله، أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس، والنجيبة بالإبل؟ فقال: لا بأس إذا كان يداً بيد» (١) وروى أنس أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «ما وزن مثلاً بمثل، إذا كان نوعاً واحداً، وما كيل فمثل ذلك، فإذا اختلف النوعان، فلا بأس به» (٢).

إلا أن الحنابلة خلافاً للحنفية قالوا: يحرم ربا الفضل في كل مكيل أو موزون بجنسه، ولو كان قليلاً كتمرة بتمرة، وما دون الأرزة من نقد (ذهب أو فضة)، لا في ماء، ولا فيما لا يوزن عرفاً: لصناعته من غير ذهب أو فضة، كمعمول من نحاس أو حديد أو قطن ونحوه.

والرواية الثانية: كمذهب الشافعية.

والرواية الثالثة: العلة فيما عدا الذهب والفضة: كونه مطعوماً إذا كان مكيلاً أو موزوناً، فلا يجري الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن، كالتفاح والرمان والخوخ


(١) رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه، قال الهيثمي: وفيه أبو جناب وهو ثقة ولكنه مدلس (راجع جامع الأصول: ٤٦٩/ ١، مجمع الزوائد: ١١٣/ ٤، نصب الراية: ٥٦/ ٤).
(٢) رواه الدارقطني عن الحسن عن عبادة وأنس بن مالك (راجع نيل الأوطار: ١٩٣/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>