للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل وجوب الحج على الفور أو على التراخي؟ للعلماء في ذلك اتجاهان:

قال أبو حنيفة وأبو يوسف والمالكية في أرجح القولين والحنابلة (١): يجب الحج بعد توافر الاستطاعة وبقية الشروط الآتية على الفور في العام الأول، أي في أول أوقات الإمكان، فيفسق وترد شهادته بتأخيره سنيناً؛ لأن تأخيره معصية صغيرة، وبارتكابه مرة لا يفسق إلا بالإصرار، لأن الفورية ظنية، بسبب كون دليلها ظنياً كما قال الحنفية، ويدل عليه أنه لو تراخى كان أداء، وإن أثم بموته قبله، وقالوا: لو لم يحج حتى أتلف ماله، وسعه أن يستقرض ويحج، ولو غير قادر على وفائه، ويرجى ألا يؤاخذه الله بذلك إذا كان ناوياً الوفاء لو قدر. وذكر الحنابلة أن من فرط فيه حتى توفي أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة. واستدلوا بقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} [آل عمران:٩٧/ ٣] وقوله: {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة:١٩٦/ ٢] والأمر على الفور عندهم.

واستدلوا أيضاً بأحاديث منها: «حجوا قبل أن لا تحجوا» (٢) وحديث «تعجَّلوا إلى الحج يعني الفريضة، فإن أحدكم لا يدري ما يعرِض له» (٣) وحديث «من لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو مشقة ظاهرة أو سلطان جائر، فلم يحج، فليمت


(١) الدر المختار: ١٩١/ ٢ ومابعدها، البدائع: ١١٩/ ٢، الشرح الصغير: ٤/ ٢، كشاف القناع: ٤٦٥/ ٢، المغني: ٢٠٨/ ٣، ٢٤١.
(٢) حديث صحيح رواه الحاكم والبيهقي عن علي.
(٣) رواه أحمد وأبو القاسم الأصبهاني عن ابن عباس، وفي سنده أبو إسرائيل ضعيف الحفظ (نيل الأوطار:٢٨٤/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>