ويلاحظ أن ابن رشد في بداية المجتهد جعل الضمان مطلقاً على البائع من غير تفصيل، والمشتري أمين، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما. وقال الحنابلة: إن تلفت السلعة في مدة الخيار قبل القبض، وكان المبيع مكيلاً أو موزوناً انفسخ البيع، وضمنه البائع، ويبطل خيار المشتري.
وإن كان المبيع غير مكيل ولا موزون ولم يمنع البائع المشتري من قبضه، فظاهر المذهب أنه من ضمان المشتري، ويكون كتلفه بعد القبض.
وأما إن تلف المبيع بعد القبض في مدة الخيار، فهو من ضمان المشتري، ويبطل خياره. وأما خيار البائع ففيه روايتان:
إحداهما: يبطل كخيار الرد بالعيب إذا تلف المبيع، وهو اختيار الخرقي وأبي بكر.
والثانية: لا يبطل، وللبائع فسخ البيع، ومطالبة المشتري بالقيمة (١).
خامساً - تعيب المبيع: فيه تفصيل أيضاً؛ لأن الخيار إما أن يكون للبائع أو للمشتري.
آـ فإن كان الخيار للبائع: فيسقط خياره إذا تعيب المبيع بآفة سماوية أو بفعل البائع، سواء أكان المبيع في يد البائع أم في يد المشتري، لأنه هلك بعض المبيع بلا بدل عنه، إذ لا يجب الضمان على البائع، لأن المبيع ملكه، فينفسخ البيع في هذا البعض،،ولا يمكن بقاء العقد في الجزء الباقي، لما يترتب عليه من تفريق الصفقة على المشتري قبل تمام العقد، وهو لا يجوز.
فإذا تعيب المبيع بفعل المشتري، أو بفعل أجنبي لم يبطل البيع، ويبقى البائع على خياره لأنه يمكنه إجازة البيع فيما بقي وفيما نقص؛ لأن قدر النقصان انتقل إلى بدل عنه: وهو الضمان بالقيمة على المشتري أو الأجنبي لإتلافهما ملك الغير بغير إذن، فكان قدر النقصان قائماً معنى.