وأما الحنفية: فكان أبو حنيفة يرى وجوب الحد على المستكره على الزنا، ثم قال: إذا كان الإكراه تاماً ـ وهو الذي يتحقق فقط من السلطان بحسب عرف زمانه ـ فلا يجب الحد. وأما إكراه غير السلطان فيوجب الحد. وقال الصاحبان: لا يجب الحد حالة الإكراه التام، سواء أكان الإكراه من السلطان أم من غيره، ورأيهما هو الأرجح عند الحنفية. وهو رأي أبي حنيفة أخيراً.
وإن كان الإكراه ناقصاً: فيجب الحد عند أبي حنيفة وصاحبيه؛ لأن الإكراه الناقص لا يسلب الاختيار، فيكون الزاني في هذه الحالة مختاراً، فيحد.
والخلاصة: إن الحنفية لا يوجبون الحد في حالة الإكراه التام، ويوجبونه في حالة الإكراه الناقص.
وقال المالكية: إن كان الرجل والمرأة مكرهين على الزنا فيجب الحد. وإن كانت المرأة طائعة ولم تكن ذات زوج، فقد أسقطت حقها برضاها، فلم يبق سوى حق الله تعالى، وحق الله يسقط بالإكراه، فلا يجب الحد عند بعض المالكية إذا كان التهديد بالقتل. أما بغير القتل فيجب الحد، وهذا هو المفتى به. والمشهور في المذهب: وجوب الحد على الرجل والمرأة.
وكذلك يحد المكره على الزنا في مذهب الحنابلة.
والذي يظهر هو رجحان مذهب الشافعية؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات (١).
الإكراه على أحد أمرين: كل ما ذكر إذا كان التصرف الحسي المكره عليه معيناً، فإن كان المكره عليه مخيراً فيه: فبالنسبة للحكم الأخروي يظل المباح