ولا يكون جحود الوصية رجوعاً في رأي محمد، وهو ما أخذ به القانون، ويعد رجوعاً عند أبي يوسف والمالكية، كما أبنت في بحث صفة الوصية.
والرجوع دلالة: كل تصرف أو فعل في الموصى به يفيد رجوعه عن الوصية. وهو يشمل ما يأتي:
أولاً ـ كل تصرف قولي يخرج العين عن ملك الوصي: كأن يبيع الشيء الموصى به، أويهبه، أويتصدق به أو يجعله مهراً أو وقفاً. وهذا متفق عليه فقهاً وقانوناً.
لكن هل تعود الوصية بعودة الملك إلى الموصي؟ رأيان:
مذهب الجمهور: متى بطلت الوصية لخروج الموصى به عن ملك الموصي، فلا تعود بعدئذ بعودة الملك؛ لأن الإقدام على التصرف قرينة قاطعة في ذاته على الرجوع.
ومذهب المالكية: إذا عاد الموصى به إلى ملك الموصي، عادت الوصية من غير حاجة إلى إيصاء جديد. والظاهر رجحان الرأي الأول، الذي أخذ به القانون، لفوات المحل المعقود عليه، بزوال ملكيته عنه.
ثانياً ـ كل فعل في العين الموصى بها يدل على الرجوع عن الوصية، وهوأنواع ثلاثة: نوع يدل على الرجوع بالاتفاق: وهو استهلاك العين الموصى بها في المعنى، كذبح الشاة الموصى بها، وغزل القطن الموصى به، ونسج الغزل، ونحوه مما يغير حقيقة الشيء، ويصبح شيئاً آخر غير الموصى به، ويلحق به ما لو تغير الشيء بنفسه تغيراً أزال اسمه كصيرورة العنب زبيباً والبيض فراخاً ونحوه.
وكذلك لو تغير الشيء بفعل الموصي تغيراً أزال اسمه كنسج الغزل وصوغ