للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أسس معينة، وإما فعل يدل على قبول الجزية، كأن يدخل حربي دار الإسلام بأمان، ويمكث فيها سنة، فيطلب إلىه إما أن يخرج أو يصبح ذمياً، فإن اختار البقاء عندنا صار من أهل الذمة.

شروط صحة العقد: يشترط في المعقود له عقد الذمة شروط ثلاثة:

الأول ـ ألا يكون المعاهد من مشركي العرب، فإنه لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتال، لقوله تعالى عن المشركين: {تقاتلونهم أو يسلمون} [الفتح:١٦/ ٤٨]، وإنما يعقد عقد الذمة مع أهل الكتاب، لقوله سبحانه: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة:٢٩/ ٩] ويعقد هذا العقد أيضاً مع المجوس؛ لأن لهم شبهة كتاب، لما قال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» (١). وعن عمر: «أنه لم يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن ابن عوف أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجَر» (٢).

وهذا الشرط متفق عليه بين الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية والإباضية والشيعة الإمامية والزيدية.


(١) رواه الشافعي، ورواه الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» وهذا منقطع ورجاله ثقات، ورواه أيضاً البزار والدارقطني وابن أبي شيبة مرسلاً (جامع الأصول: ٢٦٤/ ٣، نصب الراية: ٤٤٨/ ٣، نيل الأوطار: ٥٦/ ٨).
(٢) رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي (جامع الأصول: ص ٢٦١، نصب الراية: ص٤٤٨، نيل الأوطار: ٥٦/ ٨، سبل السلام: ٦٥/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>