للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن ناذر المباح إن خالف مقتضى نذره فهل عليه كفارة؟ قال الحنفية والمالكية والشافعية في الأصح: لا كفارة عليه لعدم انعقاد النذر. وقال الحنابلة: يتخير ناذر المباح بين فعله فيبر، لحديث المرأة التي نذرت أن تضرب بالدف السابق ذكره، وبين تركه وعليه كفارة يمين؛ لأنه ينعقد عندهم نذر المباح بدليل حديث الضرب بالدف (١).

وأما إذا نذر الإنسان معصية مثل: (لله علي أن أشرب الخمر) و (أقتل فلاناً) أو (أضربه) أو (أشتمه) ونحوه: فلا يجوز الوفاء به إجماعاً؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا نذر في معصية الله» (٢). وهل تجب الكفارة به؟

قال الحنفية والحنابلة: يجب على ناذر المعصية كفارة يمين، لا فعل المعصية، بدليل حديث عمران بن الحصين وحديث أبي هريرة الثابت عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين» (٣).


(١) انظر الموضوع في رحمة الأمة في اختلاف الأئمة للدمشقي بهامش الميزان: ١٤٩/ ١ ومابعدها، مغني المحتاج: ٣٥٧/ ٤، المغني: ٥/ ٩، تحفة الفقهاء، الطبعة القديمة: ٥٠٢/ ٢، بداية المجتهد: ٤١٠/ ١، الشرح الكبير للدردير: ١٦٢/ ٢، الفتاوى الهندية: ٦١/ ٢، القوانين الفقهية: ص١٦٨.
(٢) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن عمران بن حصين بلفظ «لا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك ابن آدم» وفي لفظ «لا نذر في معصية الله» عند مسلم (راجع جامع الأصول: ١٨٨/ ١٢، نصب الراية: ٣٠٠/ ٣، مجمع الزوائد: ١٨٧/ ٤).
(٣) حديث عمران خرّجته في الحديث السابق فقد روي بلفظ: «لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين» وحديث أبي هريرة رواه أحمد وأصحاب السنن والبيهقي، قال الحافظ ابن حجر: وإسناده صحيح إلا أنه معلول بأنه منقطع. ورواه أحمد وأصحاب السنن عن عائشة بلفظ «لانذر في معصية، وكفارته كفارة يمين» واحتج به أحمد وإسحاق، وصححه الطحاوي وأبو علي بن السَّكَن، وضعفه جمهور المحدثين، ورواه أبو داود عن ابن عباس بلفظ «من نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين» وإسناده حسن، إلا أنه في الأصح موقوف على ابن عباس بلفظ «من نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين» وإسناده حسن، إلا أنه في الأصح موقوف على ابن عباس (انظر جامع الأصول: ١٨٨/ ١٢، نيل الأوطار: ٢٤٣/ ٨ ومابعدها، سبل السلام: ١١٢/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>