ومن صور التعاون في المجالات التي ذكرناها قيام أجزاء البلاد بتوحيد الجهد لإنشاء المشاريع الصناعية والإنتاجية والزراعية والمساهمة في تثقيف الجيل ومحو الجهل والأمية، وتنسيق الخطط الفنية والعلمية والسياسية إزاء مشكلة من المشكلات التي تمس مصالح المسلمين.
وفي أوقات الشدة والمحن تتعاون البلاد في رد العدوان ودفع الأخطار، وتسوية المنازعات وترميم الأحداث والتغلب على الكوارث الطبيعية والاقتصادية ونحو ذلك، ففي ماضي المسلمين كان تجهيز الجيوش وإمداد المقاتلة، يتم بالتعاون بين أقطار الإسلام، كما كان توزيع الغنائم شاملاً للمسلمين.
[٣ - دعم السلام العالمي]
٧٨ ـ استأصل الإسلام جذور الأحقاد والعداوات البشرية، فقضى على الفوارق الجنسية (التجنس) والعصبية وتناحر الطبقات، وأحل محلها روح المحبة والإنسانية والتعاون والتسامح، كما أنه انتزع من فكرة القومية تلك (الأنانية) الطاغية التي من شأنها أن تخلق منافسة بين القوميات المتباينة (١)، وبالتالي نشوب حروب طاحنة بسبب التنازع على الاستئثار بخيرات الأرض. ثم دعا الإسلام بعدئذ، ليس إلى إقامة سلام عالمي فحسب، بل إلى تعايش ودي يدعم السلام، ويتجاوز حدود المسالمة إلى المودة والمصاهرة، والاشتراك في القرابات واختلاط الدماء، وإيجاد زمالة عالمية في ظل المبدأ الإنساني الرفيع: وهو اعتبار الجنس البشري من أب وأم واحدة، وأنهم أبناء أسرة واحدة ينبغي التراحم بين أفرادها، وشيوع الألفة والعدالة في أوساطها للعمل من أجل خير المجموع.
(١) نظام الحكم في الإسلام للدكتور عبد الله العربي: ص ٥٦.