الحق في إبطال التصرفات غير الشرعية في الإرث والوصية، فيكون تشريع الإرث عاملاً مهماً من عوامل تفتيت الثروات الضخمة، وتوزيع الملكيات والقضاء على التفاوت الفاحش بين الطبقات.
ثالثاً ـ مبدأ الحرية الاقتصادية: إذا كان مبدأ الاعتراف بالملكية المزدوجة (الخاصة والجماعة) وبمبدأ الملكية الفردية المقيدة بقيود كثيرة هو الركن الأول من أركان الاقتصاد الإسلامي كما تقدم، فإن مبدأ الحرية الاقتصادية المقيدة في حدود معينة هو الركن الثاني من أركان هذا النظام، وليست هذه الحرية مطلقة غير محدودة كما في النظام الرأسمالي، ولا هي غير موجودة كما في النظام الاشتراكي، وإنما هي مقررة ضمن حدود معينة، بقول الرسول صلّى الله عليه وسلم:«دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»(١).
ولقد نادى ابن خلدون بمبدأ الاقتصاد الحر، وحبَّذ الإسلام نظام المنافسة الكاملة الشريفة الذي يمنع فيه الاحتكار، والذي يتحدد فيه ثمن السلع طبقاً لمساومات البائعين والمشترين دون تدخل من جانب الدولة، إلا أن هذا كان في عصر صدر الإسلام حيث كانت صفات الورع والتقوى والتدين لها السيطرة المطلقة على النفوس، ثم أفتى الفقهاء السبعة في المدينة بجوار تدخل الدولة لتسعير الحاجيات ووضع حد لجشع التجار، ومنع الغبن، لأنه يجب أن يكون الثمن عادلاً غير مجحف بالبائع والمشتري. وبه يتبين أن مبدأ الحرية الاقتصادية أصبح مقيداً فيما يجيزه تشريع الإسلام من نشاط اقتصادي اجتماعي للأفراد، ولايجوز للإنسان الخروج عليه كالتعامل بالربا والاحتكار ونحو ذلك.
(١) أخرجه الجماعة (أحمد وأصحاب الكتب الستة) إلا البخاري عن جابر رضي الله عنه بلفظ: «لايبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض».