للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال المقاصة الاتفاقية وهي التي تتم بتراضي صاحبي الحق: أن يكون لواحد دين وللآخر عين، فيتفق الطرفان على عدم مطالبة أحدهما غيره بحقه. والمالكية يقولون بالمقاصة الاتفاقية إذا اختلف الجنس أو اختلفت الأوصاف ما لم يترتب على ذلك محظور ديني. ومن المعلوم أن أئمة المذاهب الأربعة يعتبرون النقدين (الذهب والفضة وما يماثلهما من الدنانير والدراهم) جنسين مختلفين، فتجوز المقاصة الاتفاقية بينهما عند المالكية لأنهم يقولون بالمقاصة عند اختلاف الجنس (١). وأما وحدات النقد المتعامل بها في عصرنا الحاضر سواء أكانت أوراقاً أم مسكوكة من الذهب أم الفضة الخالصين أم المخلوطين أم المسكوكة من غيرهما كالنحاس وهي المسماة فلوساً، فإنها تعد جنساً واحداً في باب المقاصة، عملاً بالعرف وبرأي ابن أبي ليلى وهو اختيار بعض مشايخ الحنفية (٢).

وبعد هذه المقدمة نبحث حكم المقاصة في عقدي الصرف والسلم.

أما في عقد الصرف: فلو تصارف اثنان بأن باع أحدهما للآخر ديناراً بعشرة دراهم، وسلمه الدينار، ولم يقبض العشرة الدراهم، وكان لمشتري الدينار على


(١) انظر بحث المقاصة في الفقه الإسلامي للأستاذ محمد سلام مدكور: ص ٤، ١٣، ٢٣، ٥١، ٥٥، ٧٧، ٨٥، ٩٧ وما بعدها، القوانين الفقهية، المكان السابق، غاية المنتهى للشيخ مرعي الحنبلي: ٨٢/ ٢.
(٢) ذكر ابن عابدين طائفة من مسائل المقاصة الاتفاقية فقال: لو كان للوديع على صاحب الوديعة دين من جنسها لم تصر قصاصاً به إلا إذا اتفقا عليه، وكانت الوديعة في يده، والمغصوب كالوديعة. وكذلك لا تقع المقاصة ما لم يتقاصا لو كان الدينان من جنسين مختلفين أو متفاوتين في الوصف أو مؤجلين أو أحدهما حالاً والآخر مؤجلاً .. وإذا اختلف الجنس وتقاصا كما لو كان له عليه مئة درهم وللمديون مئة دينارعليه، فإذا تقاصا تصير الدراهم قصاصاً بمئة من قيمة الدنانير، ويبقى لصاحب الدنانير على صاحب الدراهم ما بقي منها. ودين النفقة للزوجة لا يقع قصاصاً بدين للزوج عليها إلا بالتراضي بخلاف سائر الديون، لأن دين النفقة أدنى (رد المحتار: ٢٥٠/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>