للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون مباحاً أكله، لا مالك له، ممتنعاً وحشياً، فلا جزاء فيما ليس بمأكول كسباع البهائم والمستخبث من الحشرات والطير وسائر المحرمات. وهذا قول أكثر أهل العلم، إلا أنهم أوجبوا الجزاء في المتولد بين المأكول وغيره، كالمتولد من الضبع والذئب، تغليباً لتحريم قتله.

ولا جزاء اتفاقاً بذبح وأكل ما ليس بوحشي، كبهيمة الأنعام كلها والخيل والدجاج ونحوها. والاعتبار في ذلك بالأصل لا بالحال.

خامساً ـ وجوب الجزاء في صيد البر دون صيد البحر بغير خلاف: لقوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة:٩٦/ ٥].

ولا فرق بين حيوان البحر الملح، وبين ما في الأنهار والعيون، فإن اسم البحر يتناول الكل، لقوله تعالى: {وما يستوي البحران، هذا عذب فرات سائغ شرابه، وهذا ملح أجاج، ومن كلٍ تأكلون لحماً طرياً} [فاطر:١٢/ ٣٥] وحيوان البحر: ماكان يعيش في الماء ويفرخ ويبيض فيه، كالسمك ونحوه، وإن كان مما يعيش في البر والبحر كالسلحفاة والسرطان فهو كالسمك لا جزاء فيه. أما طير الماء ففيه الجزاء باتفاق أهل العلم. وكذا الجراد فيه الجزاء في قول الأكثرين.

سادساً ـ كيفية وجوب الجزاء بقتل الصيد: قال أبو حنيفة: الواجب القيمة؛ لأن الصيد ليس بمثلي. وقال الجمهور: الواجب المثل من النعم؛ لقوله تعالى: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة:٩٥/ ٥] وجعل النبي صلّى الله عليه وسلم في الضبع كبشاً، وأجمع الصحابة على إيجاب المثل، فقالوا: «في النعامة بدنة» وحكم ابن عباس وأبو عبيدة «في حمار الوحش ببدنة» وحكم عمر «فيه ببقرة»، فليس المراد حقيقة المماثلة، فإنها لاتتحقق بين النعم والصيد، لكن أريدت المماثلة من حيث الصورة، وهو الأرجح لدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>