للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا في الحالة الأخيرة بحسب رأي متأخري الحنفية حماية لمصالح الدائنين، فإن أجازوه نفذ الوقف، وإن لم يجيزوه بطل. لكن الإجازة في حال مرض الموت لاتكون إلا بعد الموت، إذ لا يعرف كونه في مرض الموت إلا بعد الموت. وهذا موافق لما نص عليه القانون المدني المصري (م٢/ ٢٣٨) والقانون المدني السوري (م٢/ ٢٣٩) من أن تصرف المدين إذا كان تبرعاً، لا ينفذ في حق الدائن.

وقف المريض مرض الموت: تبين لدينا في بحث الحجر على المريض أن المذاهب متفقة على حجر المريض لحق الورثة في تبرعاته فقط فيما يزيد عن ثلث تركته، حيث لا دين عليه، فلا تصح تبرعاته من وقف وصدقة وهبة ووصية فيما زاد على ثلث ماله رعاية لحق الورثة في التركة، أما في حدود الثلث فما دونه، فيجوز تبرعه ومنه وقفه رعاية لمصلحته، في تحقيق الأجر والثواب له، بدليل ما رواه البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعودني عام حَجّة الوداع، من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، فقلت: بالشطر؟ فقال: لا، ثم قال: الثلث، والثلث كبير أو كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس». وسيأتي تفصيل آراء الفقهاء في الموضوع.

وقف المرتد: قال الحنفية (١): هناك حالتان:

الأولى ـ لو وقف المرتد في حال ردته، فوقفه موقوف عند الإمام أبي حنيفة، فإن عاد إلى الإسلام، صح، وإلا بأن مات أو قتل على ردته أو حكم بلحاقه بدار الحرب، بطل.


(١) رد المحتار على الدر المختار: ٣٩٤/ ٣ وما بعدها، ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>