ولكن لا تجوز الهبة بغير رضا الزوج، فإذا رضيت الواهبة ورضي الزوج، جاز بلا خلاف؛ لأن الحق لا يخرج عنهما. ولا يلزم الزوج الرضا بالهبة؛ لأنها لا تملك إسقاط حقه من الاستمتاع، فله أن يبيت عندها في ليلتها.
وإذا أخذت الواهبة مالاً على ترك نوبتها، لم يجز أخذه، ويلزمها رده إلى من أخذته منه، وعلى الزوج أن يقضي لها زمن هبتها؛ لأنها تركته بشرط العوض، ولم يسلم العوض لها، فترجع بالمعوض؛ لأن هذا معاوضة القسم بالمال، فيكون في معنى البيع، ولا يجوز هذا البيع.
حق البكر والثيب والجديدة والقديمة: قال الحنفية: البكر والثيب، والجديدة والقديمة، والمسلمة والكتابية سواء في القسم، لإطلاق الآيات، وهي قوله تعالى:{ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم، فلا تميلوا كل الميل}[النساء:١٢٩/ ٤] أي لن تستطيعوا أن تعدلوا في المحبة، فلا تميلوا في القسم، كما قال ابن عباس. وقوله تعالى:{وعاشروهن بالمعروف}[النساء:١٩/ ٤] وغايته القسم، وقوله تعالى:{فإن خفتم ألا تعدلوا}[النساء:٣/ ٤] ولإطلاق أحاديث النهي عن الميل وعدم القسم، ولأن القسم من حقوق الزواج، ولا تفاوت بين النساء في الحقوق.
وأما ما روي من نحو:«للبكر سبع وللثيب ثلاث» فيحتمل أن المراد التفضيل في البداءة دون الزيادة، فوجب تقديم الدليل القطعي، وهو الآيات.
وقال الجمهور: تختص وجوباً البكر الجديدة عند الزفاف بسبع ليال متوالية، بلا قضاء للباقيات. وتختص وجوباً الزوجة الثيب بثلاث ليال متوالية، بلا قضاء، ثم يقسم بعدئذ، لخبر ابن حبان في صحيحه:«سبع للبكر، وثلاث للثيب»(١)،
(١) ورواه الدارقطني أيضاً (نيل الأوطار: ٢١٤/ ٦) بلفظ: «للبكر سبعة أيام، وللثيب ثلاث، ثم يعود إلى نسائه».