وفي هذه الحالة: ليس لمالك العين الانتفاع بها، ولا التصرف بمنفعتها أو بالعين، ويجب عليه تسليم العين للمنتفع ليستوفي حقه من منافعها، فإذا امتنع أجبر على ذلك.
وبه يظهر أن ملكية العين فقط تكون دائمة، وتنتهي دائماً إلى ملكية تامة، وملكية المنافع قد تكون مؤقتة؛ لأن المنافع لا تورث عند الحنفية أو دائمة كالوقف.
٢ً - ملك المنفعة الشخصي أو حق الانتفاع (١):
هناك أسباب خمسة لملك المنفعة: وهي الإعارة والإجارة، والوقف والوصية، والإباحة.
أما الإعارة: فهي عند جمهور الحنفية والمالكية: تمليك المنفعة بغير عوض. فللمستعير أن ينتفع بنفسه، وله إعارة الشيء لغيره، لكن ليس له إجارته؛ لأن الإعارة عقد غير لازم (يجوز الرجوع عنه في أي وقت)، والإجارة عقد لازم، والضعيف لا يتحمل الأقوى منه، وفي إجارة المستعار إضرار بالمالك الأصلي.
(١) يرى الحنفية: أنه لا فرق بين ملك المنفعة وحق الانتفاع، وهما شيء واحد. فللمنتفع أن ينتفع بنفسه، أو أن يملك غيره المنفعة، إلا إذا وجد مانع صريح من قبل مالك العين، أو وجد مانع يقتضيه العرف والعادة، فمن وقف داره لسكنى الطلاب الغرباء كان للطالب حق السكنى فقط، وحق الانتفاع بالمرافق العامة كالمدارس والجامعات والمشافي مقيد بالمنتفع فقط، وليس له تمليك غيره. وهذا الرأي هو المعمول به قانوناً. وقال المالكية: هناك فرق بين ملك المنفعة وحق الانتفاع. فملك المنفعة اختصاص يكسب صاحبه أن ينتفع بنفسه، وأن يملكها لغيره بعوض أو بغير عوض. وأما حق الانتفاع: فهو مجرد رخصة بالانتفاع الشخصي بناء على إذن عام كحق الانتفاع بالمنافع العامة كالطرق والأنهار والمدارس والمصحات وغيرها، أو إذن خاص كحق الانتفاع بملك شخص أذن له به، كركوب سيارته، والمبيت في منزله، وقراءة كتبه ونحو ذلك. فليس للمنتفع أن يملك المنفعة لغيره، فتمليك الانتفاع: هو أن يباشر المنتفع بنفسه، وتمليك المنفعة أعم وأشمل، فيباشر بنفسه ويمكن غيره من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالإعارة (راجع الفروق للقرافي:١٨٧/ ١،الفرق ٣٠).