السابق. وأما محمد فقال كما في المثال السابق أيضاً: إن العقد متى جاز لاثنين يستوي فيه حالة التساوي والتفاضل في الأنصباء كما في البيع. وأما أبو يوسف فقد خالف قاعدته حالة التفاضل في الأنصباء؛ لأن مطلق العقد لا يحتمل التفاضل، فكان تفضيل أحد النصيبين في معنى إفراد العقد لكل منهما، فكان ذلك هبة المشاع، فيتعذر جعل قوله:(لهذا ثلثها ولهذا ثلثاها) مفسراً للحكم الثابت بالعقد، بخلاف حالة التساوي.
والخلاصة: إن الشيوع حالة القبض يمنع صحة الهبة، أما حالة العقد فلا يمنع صحتها، وكذا الشيوع الطارئ لا يفسد الهبة، وهو كأن يرجع الواهب في نصف الموهوب شائعاً.
٦ - أن يكون الموهوب متميزاً عن غيره، ليس متصلاً به، ولا مشغولاً بغير الموهوب: لأن معنى القبض، وهو التمكن من التصرف في المقبوض لا يتحقق مع شغل الموهوب بغيره (١) وهذا شرط صحة للهبة.
وبناء عليه لو وهب شخص أرضاً فيها زرع للواهب دون الزرع، أو زرعاً دون الأرض، أو نخلاً فيها ثمرة للواهب معلقة بها دون الثمرة، أو ثمرة النخل دون النخل: لا يجوز، وإن قبض الموهوب، وتكون الهبة فاسدة، فلو جز الثمر، وحصد الزرع، ثم سلمه فارغاً، جاز؛ لأن المانع من نفاذ حكم العقد وهو ثبوت الملك، قد زال.
وكذا لو وهب داراً فيها متاع للواهب، أو ظرفاً فيه متاع للواهب دون المتاع، أو وهب دابة عليها حمل للواهب دون الحمل، وقبض الموهوب، فإنه لاتجوز
(١) المبسوط: ٧٣/ ١٢، تكملة فتح القدير: ٧ص/١٢٤، ١٢٧، البدائع: ٦ص/١٢٥، حاشية ابن عابدين: ٤ ص/٥٣٣ومابعدها، مجمع الضمانات: ص ٣٣٦.