للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصد، وهذه التصرفات لا يشترط فيها القصد، فلا يشترط في الناطق بما يدل عليها أن يكون فاهماً لمعناها. لكن في هذا مغالاة؛ لأن عدم اشتراط القصد في هذه التصرفات يكون بعد فهم المعنى. ولا يعقل ترتيب الآثار على تصرف غير مفهوم المعنى.

[٣ - حالة التعلم والتعليم والتمثيل]

إذا ردد المتكلم عبارات التصرفات، ولكنه لا يريد إنشاء التزام أو عقد، بل يريد غرضاً آخر كالتعلم والتعليم والتمثيل، فلا يترتب على عبارته أي أثر. كما إذا ردد القارئ عبارة البيع أو الشراء أو الطلاق المسطرة في كتب الفقهاء بقصد تعلمها أو حفظها، أو بقصد تعليمها لغيره، فلا يترتب على كلامه أي أثر. وكذلك ترديد الممثلين عبارات التمثيل وحكاية أقوال الآخرين، مثل زوجيني نفسك، فقالت: زوجتك نفسي، لا يترتب عليه أي أثر؛ لأن المتكلم في هذه الأمثلة لا يقصد إنشاء العقد، بل قصد غرضاً آخر، وهو التمثيل أو الحفظ أو توضيح الحكم للتلاميذ.

٤ - الهزل أو الاستهزاء: الهزل ضد الجد: وهو أن يراد بالشيء ما لم يوضع له ولا ما يصلح اللفظ له استعارة. فإذا نطق الشخص بعبارة لا يريد بها إنشاء التصرف، وإنما قصد بها الهزل أو الاستهزاء والعبث، مستخدماً صورية التصرف القولي أو العقد، كانت العبارة الصادرة من الهازل عند الشافعية على الراجح (١) صالحة لإنشاء العقود وترتيب الآثار عليها، سواء في المعاوضات المالية كالبيع والإيجار أم في الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق، وذلك عملاً بالإرادة الظاهرة، لا بالقصد الداخلي، وحفاظاً على مبدأ استقرار العقود والمعاملات، ولا يلتفت إلى دعوى الهزل.


(١) راجع المجموع شرح المهذب للنووي: ١٨٤/ ٩، نهاية المحتاج: ٨٢/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>