للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - حكم إتيان البهيمة]

اتفق الأئمة الأربعة على أن واطئ البهيمة يعزره الحاكم بما يردعه؛ لأن الطبع السليم يأبى هذا الوطء، فلم يحتج إلى زاجر بحد، بل يعزر، وفي سنن النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس على الذي يأتي البهيمة حد» (١)، ومثل هذا لا يقوله صحابي إلا عن توقيف، ونقل عن الرسول صلّى الله عليه وسلم.

واختلفوا في حكم البهيمة الموطوءة، فقال المالكية: حكمها كغيرها في الذبح والأكل فلا تحرم ولا تكره.

وقال الشافعية: لا تذبح في الأصح، وإن كانت مأكولة وذبحت، حل أكلها على الأصح، ولكنه يكره لشبهة التحريم. وإن كانت البهيمة لغيره، وجب عليه ضمانها إن كانت مما لا تؤكل، وضمان ما نقص بالذبح إذا كانت تؤكل؛ لأنه هو السبب في إتلافها وذبحها.

وقيل عند الحنفية: إنها تذبح ولا تؤكل.

وقال الحنابلة: يجب قتلها، سواء أكانت مأكولة أم غير مأكولة، لقوله عليه السلام: «من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة» (٢)، ولأن في بقائها تذكيراً بالفاحشة، فيعيَّر بها صاحبها (٣).


(١) أخرجه الترمذي وأبو داود، وفي لفظ «من أتى بهيمة فلا حد عليه» (راجع جامع الأصول: ٣٠٨/ ٤، التلخيص الحبير: ص ٣٥٢، نيل الأوطار: ١١٨/ ٧).
(٢) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة من طريق عمرو بن أبي عمر عن ابن عباس، قال الترمذي عن هذا الحديث: (لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمر) وضعفه أبو داود بحديث ابن عباس السابق: (ليس على الذي يأتي البهيمة حد) قال الترمذي: هذا أصح من الأول (راجع المراجع السابقة، ونصب الراية: ٣٤٢/ ٣، مجمع الزوائد: ٢٧٣/ ٦).
(٣) انظر فتح القدير: ١٥٢/ ٤، البدائع: ٣٤/ ٧، حاشية الدسوقي: ٣١٦/ ٤، المغني: ١٨٩/ ٨، مغني المحتاج: ١٤٦/ ٤، المهذب: ٢٦٩/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>