وروى الشافعي عن نوفل بن معاوية أنه أسلم وتحته خمس نسوة، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: أمسك أربعاً، وفارق الأخرى (١).
ولم ينقل عن أحد من السلف في عهد الصحابة والتابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع، فدل العمل على وفق السنة على أنه لا يجوز الزواج بأكثر من أربع نسوة، ولأحاديث في مجموعها لا تقتصر عن رتبة الحسن لغيره، فتنتهض بمجموعها للاحتجاج، وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال، كما ذكر الشوكاني.
وذهب بعض المتأولين الشذاذ إلى أنه يجوز للرجل أن يتزوج تسعاً، أخذاً بظاهر الآية:{مثنى وثلاث ورباع}[النساء:٣/ ٤] لأن الواو للجمع لا للتخيير، أي يكون المجموع تسعاً. وأجيب عن ذلك بأن الآية محمولة على عادة العرب في خطاب الناس على طريق المجموعات، وأريد بها التخيير بين الزواج باثنتين وثلاث وأربع، كما في قوله تعالى:{جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}[فاطر:١/ ٣٥] أي أنهم فئات، فمنهم ذو الجناحين، ومنهم ذو الثلاثة أجنحة، ومنه ذو الأربعة أجنحة؛ لأن المثنى ليس عبارة عن الاثنين، بل أدنى ما يراد بالمثنى مرتان من هذا العدد، وأدنى ما يراد بالثلاث ثلاث مرات من العدد، وكذا الرباع.
السبب في الاقتصار على أربع: إن إباحة الزواج بأربع فقط قد يتفق في رأينا مع مبدأ تحقيق أقصى قدرات وغايات بعض الرجال، وتلبية رغباتهم وتطلعاتهم مع مرور كل شهر، بسبب طروء دورة العادة الشهرية بمقدار أسبوع لكل واحدة
(١) راجع الحديثين في نيل الأوطار: ١٤٩/ ٦، لكن في حديث قيس ضعيف. وفي إسناد حديث نوفل رجل مجهول.