للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما فيه جهالة. وأما ما عداها فهو باطل (١). فبيع الملاقيح والمضامين وحبل الحبلة باطل، لنهيه صلّى الله عليه وسلم عنه، ولما فيه من الغرر، كما تقدم في بحث بيع المعدوم.

والدليل على عدم صحة بيع الغرر في الجملة: هو أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر. وعن ابن مسعود أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لاتشتروا السمك في الماء، فإنه غرر» (٢)، ولأنه غير مقدور على تسليمه، وفيه جهالة فاحشة بمحل العقد أو بمقدار المبيع، ولأنه غير مملوك للبائع محل العقد.

الغرر اليسير: الغرر والجهالة ثلاثة أقسام (٣): كثير ممتنع إجماعاً كالطير في الهواء. وقليل جائز إجماعاً كأساس الدار وقطن الجبة. ومتوسط اختلف فيه: هل يلحق بالأول أو بالثاني، فلارتفاعه عن القليل ألحق بالكثير، ولانحطاطه عن الكثير، ألحق بالقليل. أجاز الحنفية بيع مايشتمل على غرر يسير، كالأشياء التي تختفي في قشرها كالجوز واللوز والفستق والباقلاء (٤) الأخضر، والأرز والسمسم في قشرها الأعلى، والحنطة في سنبلها، والبطيخ والرمان على أن يكون للمشتري خيار الرؤية كما سيأتي بيانه في بحث هذا الخيار.

أما المالكية والحنابلة: فأجازوا مطلقاً كل مافيه غرر يسير، أو التي تدعو إليه الضرورة، كهذه الأشياء التي ذكرت.

وأما الشافعية: فإنهم أجازوا بيع هذه الأشياء في قشرها الأسفل. أما بيعها


(١) التبس على بعض المؤلفين أن بيع الطير في الهواء والسمك في الماء قبل الاصطياد بيع فاسد عند الحنفية، والتحقيق أنه باطل، لأنه بيع شيء غير مملوك في الحال (راجع رد المحتار: ٤ص١١١ ومابعدها، وقارن اللباب شرح الكتاب: ٢ص٢٥، الغرر وأثره في العقود: ص ٣٤٧).
(٢) سبق قريباً تخريج هذين الحديثين.
(٣) الفروق: ٢٦٥/ ٣.
(٤) هو الفول الأخضر أي ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>