ولا يسهم لأكثر من فرس واحد عند أبي حنيفة ومحمد وزفر؛ لأن الإسهام للخيل في الأصل، ثبت على خلاف القياس، إلا أن الشرع ورد به لفرس واحد، فالزيادة عليها ترد إلى أصل القياس. وقال أبو يوسف: يسهم لفرسين إذا كانتا مع الفارس؛ لأن المجاهد قد يحتاج إلى فرسين يركب أحدهما، فإذا عيي ركب الآخر (١).
وصف المقاتل المستحق للغنيمة: المعتبر في تحديد وصف المقاتل بكونه فارساً أو راجلاً في ظاهر الرواية عند الحنفية: هو وقت دخوله دار الحرب بقصد الجهاد، حتى إنه إذا دخل تاجراً، فإنه لا يستحق شيئاً من الغنيمة، ولو دخل فارساً ثم مات فرسه يستحق سهم الفرسان، ودليلهم أن إرهاب العدو يحصل بمجرد اجتياز حدود دار الحرب، وأن معرفة حقيقة القتال وشهود الوقعة أمر متعذر أو متعسر، فيعتبر بالنسبة لكل المستحقين السبب المفضي إلى القتال ظاهراً، وهو اجتياز الحدود.
ويترتب على هذا المذهب أيضاً أنه لو دخل المجاهد إلى دار الحرب راجلاً، ثم اشترى فرساً، أو وهب له، أو ورثه، أو استعاره، أو استأجره، فقاتل فارساً: فله سهم الراجل، لاعتبار حالة دخوله إلى دار الحرب. وقيل: له سهم فارس.
وأما الصورة العكسية لهذا، وهي أنه لو دخل فارساً، ثم باع فرسه، أو آجره أو وهبه، أو أعاره، فقاتل، وهو راجل: فإنه في ظاهر المذهب يستحق سهم راجل، كما في السير الكبير لمحمد؛ لأنه لما باع فرسه مثلاً تبين أنه لم يقصد الجهاد فارساً، بل قصد به التجارة، والعبرة في الاستحقاق: اجتياز الحدود بقصد