للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يوجد غيرهما، أي غير السن والظفر جاز بهما جزماً. ولو تم الذبح بقطعة عظم محددة، فلا خلاف في الجواز.

٣ - وقال الشافعية والحنابلة (١): يحل الذبح بكل محدَّد (له حد) يجرح (يقطع) أو يخرق بحده لا بثقله، كحديد ونحاس، وذهب، وخشب، وقصب، وحجر، وزجاج، إلا ظفراً وسناً، وعند الشافعية: وسائر العظام، متصلاً كان أو منفصلاً من آدمي أو غيره؛ لأن منع الذبح بالسن علل بكونه عظماً، فكل عظم وجدت العلة فيه، فيكون ممنوعاً. وأجاز الحنابلة الذبح بالعظم (٢)، واستدلوا على السن والظفر بحديث رافع بن خديج عند الأئمة الستة وأحمد، قال: «قلت: يارسول الله، إنا نلقى العدو غداً، وليس معنا مُدىً (٣)، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكلوا، ما لم يكن سناً أو ظُفْراً، وسأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة» (٤).

السكين الكالَّة: لو ذبح بسكين كالَّة، حل عند الشافعية بشرطين: ألا يحتاج القطع إلى قوة الذابح. وأن يقطع الحلقوم والمريء قبل انتهاء الحيوان إلى حركة


(١) مغني المحتاج: ٢٧٢/ ٤ ومابعدها، المهذب: ٢٥٢/ ١، المغني: ٥٧٣/ ٨ ومابعدها، كشاف القناع: ٢٠٣/ ٦ - ٢٠٥.
(٢) لأن العظم دخل في عموم اللفظ المبيح ثم استثني السن والظفر خاصة، فيبقى سائر العظام داخلاً فيما يباح الذبح به، والمنطوق مقدم على التعليل، ولهذا علل الظفر بكونه من مدى الحبشة؛ ولأن العظام يتناولها سائر الأحاديث العامة، ويحصل بها المقصود، فأشبهت سائر الآلات.
(٣) مدى: جمع مُدْية: هي السكين، سميت بذلك لأنها تقطع مدى الحيوان أي عمره. والمراد بلقاء العدو: أنهم سيغنمون منه ما يذبحونه، أو إنهم يحتاجون إلى ذبح ما يأكلون للتقوي.
(٤) علق ابن رشد عليه فقال (بداية المجتهد: ٤٣٣/ ١): من الناس من فهم منه أن ذلك لمكان إن هذه الأشياء ليس في طبعها أن تنهر الدم غالباً. ومنهم من فهم أن ذلك شرع غير معلل. وهؤلاء منهم من اعتقد أن النهي فيه يدل على فساد المنهي عنه، ومنهم من اعتقد أنه لا يدل على فساد المنهي عنه، ومنهم من اعتقد أن النهي للكراهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>