للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني ـ أن تكون الإجازة بعد موت الموصي: فلا عبرة بإجازة الورثة حال حياة الموصي، فلو أجازوها حال حياته، ثم ردوها بعد وفاته، صح الرد وبطلت الوصية، سواء أكانت الوصية للوارث، أم لأجنبي بما زاد عن ثلث التركة.

وهذا رأي الحنفية والشافعية والحنابلة. وكذلك قال المالكية.

وفي الجملة كما ذكر ابن جزي: إذا أجاز الورثة الوصية بالثلث لوارث أو بأكثر من الثلث، بعد موت الموصي، لزمهم، فإن أجازوها في صحته لم تلزمهم، وإن أجازوها في مرضه، لزمت من لم يكن في عياله، دون من كان تحت نفقته. وهناك قول آخر رجحه الحطاب أن الإجازة تلزم.

من الوارث الذي يجيز؟ العبرة بتحديد كونه وارثاً باتفاق المذاهب هو وقت موت الموصي، لا وقت إنشاء الوصية، فلو كان غير وارث عند الوصية، ثم صار وارثاً بأمر حادث وقت الموت، صارت الوصية موقوفة، ولو كان وارثاً عند إنشاء الوصية، ثم أصبح عند الموت غير وارث، بسبب حجبه مثلاً، كانت الوصية نافذة؛ لأن العبرة في الإرث وعدمه هو وقت وفاة الموصي؛ ولأن هذا الوقت هو أوان ثبوت حكم الوصية الذي هو ثبوت ملك الموصى به.

[القائلون بمشروعية الوصية للوارث]

رأى الشيعة الزيدية، والشيعة الإمامية، والإسماعيلية (١): أن الوصية للوارث جائزة بدون توقف على إجازة الورثة، لظاهر قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدَكم الموتُ ـ إن ترك خيراً ـ الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف، حقاً على المتقين} [البقرة:١٨٠/ ٢] ونسخ الوجوب لا يستلزم نسخ الجواز. ورد


(١) نيل الأوطار: ٤١/ ٦، المختصر النافع في فقه الإمامية: ص ١٨٧، الفقه المقارن للأستاذ حسن أحمد الخطيب: ص ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>