تجنب كل ما يوقع في الجرائم بوازع الدين للإصلاح، لأن الدفع أو المنع أولى من الرفع «ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح» كما جاء في القواعد الشرعية الكلية.
ولقد بلغ من شدة الخوف من الله ومن قوة ضمير المسلم أن كان المؤمن الصادق الإيمان يقدم على الموت بلا تردد ولا وجل من أجل تطهير نفسه، وإرضاء ربه، فهل لهذا مثيل في قوانين الدين أو عادات الشعوب؟!.
والخلاصة: أن هذه المبادئ أو القواعد الشرعية تساهم مساهمة فعالة في منع الجريمة أو التخفيف منها أو توجيهها الوجهة الصالحة.
سابعاً - الحدود الشرعية وحكمتها وأثر تطبيقها في منع الجريمة في عصرنا:
لا شك بأن حقيقة الحد الشرعي قاسية، ولكن القسوة تفيد أحياناً في الزجر والردع والإصلاح، وهي أفعل وأمضى وأنفذ من العقوبات التعزيرية كالحبس والضرب البسيط، وليس أدل على أثرها في منع الجريمة من تطبيقها في البلاد السعودية، حيث استتب الأمن، وانقطعت السرقات، وانتهت عصابات قطع الطريق أو المحاربين، بالرغم من أن قطع اليد في ربع قرن فأكثر لا يزيد عن ستة عشر يداً. وكذلك عندما طبقت الحدود في السودان في عام (١٩٨٣)، قلّت الجرائم، وعندما جمدت وأوقفت كثرت وانتشرت.
فالعقوبةالحدية أداة زجر وإصلاح معاً، ووسيلة تهذيب وتقويم فعال، لكني ألاحظ أن البدء في تطبيق الشريعة الإسلامية بأقسى ما فيها من عقوبات الحدود وما يصحبها من تصورات مغلوطة وأوهام فاسدة ومبالغات مسرفة، ليس منهجاً