للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو حلف ألا يكلم فلاناً، فكلمه وهو نائم فأيقظه: حنث، لأنه كلمه وأسمعه، ولو لم يوقظه لم يحنث، وهو المختار عند عامة مشايخ الحنفية خلافاً لما ذكر القدوري من أنه إذا كان بحيث يسمع لو لم يكن نائماً يحنث؛ لأنه قد كلمه ووصل إلى سمعه إلا أنه لم يفهم لنومه، فصار كما إذا ناداه وهو في مكان بحيث يسمع إلا أنه لم يفهم لاشتغاله بأمر آخر. ورأي عامة المشايخ هو الأرجح، لأنه إذا لم يوقظه كان كما إذا ناداه من بعيد، وهو بحيث لا يسمع صوته، ولأن الإنسان لا يعد مكلماً للنائم إذا لم يتيقظ بكلامه، كما لا يعد متكلماً مع الغائب.

ولو مر الحالف على جماعة فيهم المحلوف عليه، فسلم عليهم: حنث لأنه كلمه وكلم غيره بالسلام، فإن قصد بالسلام الجماعة دونه لم يحنث وتصح نيته فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه نوى تخصيص كلامه، وإطلاق الكل وإرادة البعض جائز، ولكن لا يقبل منه هذا الادعاء قضاء، لأنه خلاف الظاهر من كلامه (١).

ولو سلم في الصلاة والمحلوف عليه معه في الصلاة: فإما أن يكون الحالف إماماً أو مقتدياً:

١ - فإن كان الحالف إماماً ينظر: إن كان المحلوف عليه خلفه، فسلم، لم يحنث بالتسليمة الأولى. وإن كان على يمينه: لا يحنث أيضاً؛ لأن التسلمية الأولى كلام في الصلاة؛ لأن المصلي يخرج بها عن الصلاة، فلا تكون من كلام الناس، بدليل أنها لا تفسد الصلاة.

وإن كان شماله فقد اختلف المشايخ فيه: فقال بعضهم: يحنث، وقال بعضهم: لا يحنث.


(١) انظر البدائع: ٣ ص ٤٧ ومابعدها، الفتاوى الهندية: ٢ ص ٨٩ وما بعدها، تبيين الحقائق: ٣ ص ١٣٦، فتح القدير: ٤ ص ٦٣، الدر المختار: ٣ ص ١١٢، المغني: ٨٢٢/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>