للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الحكم إن ذكر الفعل بلفظ الماضي، فقال: (أقسمت بالله أو حلفت بالله لأفعلن كذا)، يكون يميناً (١).

الحلف على الغير: قال الشافعية وغيرهم (٢): إذا قال شخص لغيره: (أقسم عليك بالله، أو أسألك بالله لتفعلن كذا)، وأراد يمين نفسه فهو يمين، ويسن للمخاطب أن يبر الحالف، لما روى البخاري «أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر بإبرار المقسم» وهذا على سبيل الندب لا على سبيل الإيجاب، بدليل أن أبا بكر قال: «أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني بما أصبت مما أخطأت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: لا تقسم يا أبا بكر» ولم يخبره، ولو وجب عليه إبراره لأخبره، فإن لم يبره فالكفارة على الحالف، وإن أراد يمين المخاطب أو لم يرد يميناً، بل أراد التشفع بالله عز وجل في الفعل لم يكن يميناً.

الحلف بقوله (أقسم لأفعلن كذا): إذا ذكر الحالف القسم والخبر المقسم عليه، ولم يذكر المقسم به أي لفظ الجلالة بأن قال: (أشهد) أو (أحلف) أو (أقسم) أو (أعزم) لأفعلن كذا، كان يميناً عند جمهور الحنفية وفي رواية عن أحمد وهي الراجحة في مذهبه؛ لأن القسم لما لم يجز بغير الله تعالى، دل على أن هنالك مقسماً به محذوفاً: وهو اسم الله تعالى، مثل (واسأل القرية) أي أهلها، ولأن العرب تعارفت الحلف على هذا الوجه، قال الله تعالى: {يحلفون لكم لترضوا عنهم} [التوبة:٩٦/ ٩] ولم يقل: بالله، وقال عز وجل: {إذ أقسموا ليصرمُنَّها مصبحين} [القلم:١٧/ ٦٨] ولم يذكر بالله. وقال سبحانه: {إذا جاءك المنافقون


(١) البدائع، فتح القدير: ص ١٢ المرجعان السابقان، بداية المجتهد: ١ ص ٣٩٨، الشرح الكبير للدردير: ٢ ص ١٢٧، مغني المحتاج: ٤ ص ٣٢٣، المهذب: ٢ ص ١٣١، المغني: ٨ ص ٧٠٠ ومابعدها، شرح الباجوري: ٢ ص ٣٢١.
(٢) مغني المحتاج: ٤ ص ٣٢٤، المهذب: ٢ ص ١٣١، المغني: ٨ ص ٧٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>