سادساً ـ الإشراف على شؤون الأوقاف وهي نوعان:
أـ أوقاف عامة على مصالح عامة كالمساجد والمدارس ونحوها. وهذه ينظر في شأنها، وإن لم يكن فيها متظلم، ليصرف ريعها في سبلها، وينفذ شروط واقفها إذا عرفها من أحد ثلاثة أوجه: إما من دواوين المندوبين لحراسةالأحكام، وإما من دواوين السلطنة، وإما من كتب فيها قديمة يترجح ظن صحتها، وإن لم يشهد الشهود بها.
ب ـ أوقاف خاصة: وهي الموقوفة على أشخاص معينين. فلا ينظر في منازعاتها إلا بتظلم مستحقيها، ولا يحكم بها إلا بطرق الإثبات العادية المقررة شرعاً.
سابعاً ـ تنفيذ أحكام القضاة التي عجزوا عن تنفيذها، لتعزز المحكوم عليه وقوة يده، أو لعلو قدره وعظيم خطره.
ثامناً ـ النظر فيما عجز عنه ناظرو الحسبة في المصالح العامة كالمجاهرة بمنكر ضعف عن دفعه، والتعدي في طريق عجز عن منعه، والتحيف في حق لم يقدر على رده.
تاسعاً ـ مراعاة العبادات الظاهرة كالجُمَع والأعياد والحج والجهاد، من تقصير فيها، وإخلال بشروطها، فإن حقوق الله أولى أن تستوفى، وفروضه أحق أن تؤدى.
عاشراً ـ النظر بين المتشاجرين، والحكم بين المتنازعين، فلا يخرج في النظر بينهم عن موجب الحق ومقتضاه، ولا يسوغ أن يحكم بينهم إلا بما يحكم بها الحكام والقضاة.
رابعاً ـ الفرق بين نظر المظالم ونظر القضاة: قد يثور التساؤل في تحديد جهة المحكمة المختصة بنظر النزاع، هل ديوان المظالم أو القضاء العادي، مما يدعو إلى توضيح الفروق بينهما وهي عشرة كما أبان الماوردي (١):
١ - لناظر المظالم من فضل الهيبة وقوة اليد ما ليس للقضاة في ردع الخصوم ومنع الظلمة من التسلط.
٢ - ناظر المظالم أفسح مجالاً وأوسع مقالاً.
٣ - سلطات ناظر المظالم أوسع في التحقيق والاستدلال وطرق الإثبات المعتمدة على القرائن والأمارات وشواهد الأحوال.
٤ - لناظر المظالم أن يقابل من ظهر ظلمه بالتأديب، ويأخذ من بان عدوانه بالتقويم والتهذيب.
٥ - له الحق في التأني والتأجيل عند الاشتباه والإبهام ما ليس للحكام إذا طلب منهم أحد الخصمين فصل الحكم وإصدار القرار.
٦ - له رد الخصوم لفصل التنازع صلحاً عن تراض، وليس للقاضي الرد إلا إذا رضي الخصمان.
٧ - له أن يفسح في ملازمة الخصمين إذا وضحت أمارات التجاحد، ويأذن بالكفالة فيما يسوغ فيه التكفل لينقاد الخصوم إلى التناصف ويعدلوا عن التجاحد والتكاذب.
٨ - له أن يسمع من شهادات المستورين ما يخرج عن عرف القضاة في شهادة المعدلين.
٩ - له إحلاف الشهود عند إرتيابه بهم، ويستكثر من عددهم ليزول عنه الشك، وينفي عنه الارتياب، وليس ذلك للحاكم العادي.
١٠ - له أن يبدأ باستدعاء الشهود، ويسألهم عما عندهم من تنازع الخصوم. وأما عادة القضاة فهي تكليف المدعي إحضار بينة، ولا يسمعونها إلا بعد مسألته وطلبه.
وفيما عدا هذه الأمور العشرة هما متساويان.
[المبحث الخامس ـ نظام الحسبة أو ولاية الحسبة في الإدارة الإسلامية]
[تمهيد في تاريخ الحسبة]
ظهر في العهود الإسلامية الأولى نظام الحسبة إلى جانب نظام القضاء العادي وولاية المظالم، وكان ذلك أحد أنظمة الإدارة الإسلامية الأصلية المنبثقة عن نظام
(١) الأحكام: ص٧٩ وما بعدها.